الإعراب: { بينات } نصب على الحال وآباؤكم فاعل يعبد واسم كان محذوف يفسّره آباؤكم والتقدير عما كان آباؤكم يعبدون. { يدرسونها } يجوز أن يكون في محل جرّ صفة لكتب ويجوز أن يكون في محل نصب على موضع الجار والمجرور لأن المعنى وما آتيناهم كتباً مدرسة { فكيف كان نكير } كيف خبر كان ونكير اسمه والنكير معتز مثل عذير في قوله:
عَذِيرَ الحَيّ مِنْ عَدوانَ كانُوا حَيَّة الأَرْضِ
المعنى: أي قالت الملائكة { سبحانك } أي تنزيهاً لك عن أن نعبد سواك ونتخذ معبوداً غيرك { أنت } يا الله { ولينا } أي ناصرنا وأولى بنا { من دونهم } أي دون هؤلاء الكفار ودون كل أحد وما كنا نرضى بعبادتهم إيانا مع علمنا بأنك ربنا وربهم { بل كانوا يعبدون الجن } بطاعتهم إياهم فيما دعوهم إليه من عبادة الملائكة. وقيل: المراد بالجن إبليس وذريته وأعوانه و { أكثرهم بهم مؤمنون } أي مصدّقون بالشياطين مطيعون لهم.
ثم يقول الله سبحانه { فاليوم } يعني في الآخرة { لا يملك بعضكم لبعض } يعني العابدين والمعبودين { نفعاً ولا ضراً } أي نفعاً بالشفاعة ولا ضراً بالتعذيب { ونقول للذين ظلموا } بأن عبدوا غير الله { ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون } أي لا تعترفون بها وتجحدونها.
ثم عاد سبحانه إلى الحكاية عن حال الكفار في الدنيا فقال { وإذا تتلى عليهم آياتنا } أي تقرأ عليهم حججنا { بينات } أي واضحات من القرآن الذي أنزلناه على نبينا { قالوا } عند ذلك { ما هذا إلا رجل يريد أن يصدَّكم } أي يمنعكم { عما كان يعبد آباؤكم } فزعوا إلى تقليد الآباء لما معوزتهم الحجة { وقالوا ما هذا } القرآن { إلا إفك } أي كذب { مفترى } قد تخرصه وافتراه
{ وقال الذين كفروا للحق } أي للقرآن { لما جاءهم إن هذا } أي ليس هذا { إلا سحر مبين } أي ظاهر.
ثم أخبر سبحانه أنهم لم يقولوا ذلك عن بينة فقال { وما آتيناهم من كتب يدرسونها } أي وما أعطينا مشركي قريش كتاباً قطّ يدرسونه فيعلمون بدرسه أنّ ما جئت به حق أو باطل وإنما يكذّبونك بهواهم من غير حجة { وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير } أي رسول أمرهم بتكذيبك وأخبرهم ببطلان قولك يعني أنهم لا يرجعون في تكذيبك إلا إلى الجهل والعناد وأتباع الهوى.
ثم أخبر سبحانه عن عاقبة من كذب الرسل قبلهم تخويفاً لهم فقال { وكذب الذين من قبلهم } بمن بعث إليهم من الرسل وما آتاهم الله من الكتب { وما بلغوا معشار ما آتيناهم } أي وما بلغ قومك يا محمد معشار ما أعطينا من قبلهم من القوة وكثرة المال وطول العمر فأهلكهم الله عن ابن عباس وقتادة { فكذَّبوا رسلي فكيف كان نكير } أي عقوبتي وتغييري حالهم. وقيل: معناه انظر في آثارهم كيف كان إنكاري عليهم بالهلاك عن ابي مسلم والمراد إنا كما أهلكنا أولئك حين كذَّبوا رسلنا فليحذر هؤلاء مثل ما نزل بهم من الهلاك والاستئصال.