التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٧٠
-النساء

مجمع البيان في تفسير القرآن

الإعراب: الباء في قولـه: {بالحق} للتعدية كهمزة أفْعَلَ. تقول: جئت إلى عمرو وأجاءني زيد وجاءَ بي إلى عمرو. وقولـه: {خيراً لكم} قال الزجاج: اختلفوا في نصب {خيراً} فقال الكسائي: انتصب بخروجه عن الكلام كقولـهم لتقومن خيراً لك وانته خيراً لك فإذا كان الكلام ناقصاً رفعوا فقالوا: إن تنته خير لك. قال الفراء: انتصب هذا وقولـه: انتهوا {خيراً لكم} لأنه متصل بالأمر ولم يقل هو ولا الكسائي من أيّ المنصوبات هو ولا شرّحاه. وقال الخليل: وجميع البصريين أن هذا محمول على معناه لانك إذا قلت انته خيراً لك فأنت تدفعه عن أمر وتدخله في غيره كأنك قلت: انته وائت خيراً لك وادخل فيما خير لك وأنشد سيبويه قول عمر بن أبي ربيعة:

فواعَدْتُهُ سَرْحَتِي مالِكٍ أوِ الرُّبى بَيْنَهُما أسْهَلا

كأنه قال: أتى مكاناً أسهل.
المعنى: ثم عاد سبحانه إلى العظة وعَمَّ الخلق بذلك فقال: {يا أيها الناس} خطاب لجميع المكلفين. وقيل: خطاب للكفار {قد جاءكم الرسول} يعني محمد صلى الله عليه وسلم {بالحق} أي بالدين الذي ارتضاه الله لعباده وقيل بولاية من أمر الله تعالى بولايته عن أبي جعفر (ع) {من ربكم} أي من عند ربكم {فآمنوا} أي صدّقوه وصدّقوا ما جاءكم به من عند ربكم {خيراً لكم} أي أتوا خيراً مما أنتم عليه من الجحود والتكذيب {وإن تكفروا} أي تكذبوه فيما جاءكم به من عند الله {فإن لله ما في السموات والأرض} أي فإن ضرر ذلك يعود عليكم دون الله فإنه يملك ما في السماوات والأرض لا ينقص كفركم فيما كذبتم به نبيه شيئاً من ملكه وسلطانه {وكان الله عليماً} بما أنتم صائرون إليه من طاعته أو معصيته {حكيماً} في أمره ونهيه إياكم وتدبيره فيكم وفي غيركم.