التفاسير

< >
عرض

وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ
١٨
يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ
١٩
وَٱللَّهُ يَقْضِي بِٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ
٢٠
-غافر

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ نافع وهشام عن ابن عامر والذين تدعون بالتاء والباقون بالياء.
الحجة: من قرأ بالتاء فعلى الخطاب والتقدير قل لهم يا محمد ومن قرأ بالياء جعل الإخبار عن الغائب.
اللغة: الآزفة الدانية من قولهم أزف الأمر إذا دنا وقته قال النابغة:

أَزِفَ الترحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنا لَمّا تَزَلْ بِرِحــالِنا وَكَأَنْ قَــدِ

والحناجر جمع حنجرة وهي الحلقوم والكاظم الممسك على ما في قلبه. يقال: كظم غيظه إذا تجرعه وأصل الكظم للبعير على جرته يردها في حلقه.
الإعراب: قال الزجاج: { كاظمين } منصوب على الحال والحال محمولة على المعنى لأن القلوب لا يقال لها كاظمون وإنما الكاظمون أصحاب القلوب والمعنى إذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كظمهم وهو حال من الضمير في لدى ومعناه متوقفين عن كل شيء إلا عما دفعت إليه من فكرها فيه ونسبة الكظم إلى القلب كنسبة الكتابة إلى الأيدي في قوله { كتبت أيديهم } وإنما ذلك للجملة. { يطاع } جملة في موضع جرّ بكونها صفة شفيع أي ولا من شفيع يطاع.
المعنى: ثم أمر سبحانه نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يخوّف المكلفين يوم القيامة فقال { وأنذرهم يوم الآزفة } أي الدانية وهو يوم القيامة لأن كل ما هو آت دان قريب. وقيل: يوم دنوّ المجازاة { إذ القلوب لدى الحناجر } وذلك أنها تزول عن مواضعها من الخوف حتى تصير إلى الحنجرة ومثله قوله
{ { وبلغت القلوب الحناجر } [الأحزاب: 10] { كاظمين } أي مغمومين مكروبين ممتلئين عما قد أطبقوا أفواههم على قلوبهم من شدة الخوف { ما للظالمين من حميم } يريد ما للمشركين والمنافقين من قريب ينفعهم { ولا شفيع يطاع } فيهم فتقبل شفاعته عن ابن عباس ومقاتل. { يعلم خائنة الأعين } أي خيانتها وهي مسارقة النظر إلى ما لا يحلّ النظر إليه عن مجاهد وقتادة والخائنة مصدر مثل الخيانة كما أن الكاذبة واللاغية بمعنى الكذب واللغو. وقيل: إن تقديره يعلم الأعين الخائنة عن مؤرج. وقيل: هو الرمز بالعين عن السدي. وقيل: هو قول الإنسان ما رأيت وقد رأى ورأيت وما أرى عن الضحاك { وما تخفي الصدور } ويعلم ما تضمره الصدور وفي الخبر { "إن النظرة الأولى لك والثانية عليك" فعلى هذا تكون الثانية محرّمة فهي المراد بخائنة الأعين.
{ والله يقضي بالحق } أي يفصل بين الخلائق بالحق فيوصل كل ذي حقّ إلى حقّه { والذين يدعون من دونه } من الأصنام { لا يقضون بشيء } لأنها جماد { إن الله هو السميع البصير } أي الذي يجب أن يسمع المسموعات ويبصر المبصرات إذا وجدتا وهاتان الصفتان في الحقيقة ترجعان إلى كونه حياً لا آفة به وقال قوم: معناهما العالم بالمسموعات والعالم بالمبصرات والأول هو الصحيح.