التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ
٤٦
ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ
٤٧
فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ
٤٨
لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ
٤٩
أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ
٥٠
-الشورى

مجمع البيان في تفسير القرآن

المعنى: ثمّ أخبر سبحانه عن الظالمين الذين ذكرهم فقال { وما كان لهم من أولياء } لا فيما عبدوه من دونه ولا فيمن أطاعوه في معصيته أي نُصَّار { ينصرونهم من دون الله } ويدفعون عنهم عقابه { ومن يضلل الله فما له من سبيل } يوصله إلى الجنة.
ثم قال سبحانه { استجيبوا لربكم } أي أجيبوا داعي ربّكم يعني محمداً صلى الله عليه وسلم فيما دعاكم إليه ورغّبكم فيه من المصير إلى طاعته والانقياد لأمره { من قبل أن يأتي يوم لا مردّ له من الله } أي لا رجوع بعده إلى الدنيا. وقيل: معناه لا يقدر أحد على رده ودفعه وهو يوم القيامة عن الجبائي. وقيل: معناه لا يردّ ولا يؤخّر عن وقته وهو يوم الموت عن أبي مسلم { ما لكم من ملجأ يومئذ } أي معقل يعصمكم من العذاب { وما لكم من نكير } أي إنكار وتغيير للعذاب. وقيل: من نصير منكر ما يحلّ بكم.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم { فإن أعرضوا } يعني الكفّار أي عدلوا عمّا دعوتهم إليه { فما أرسلناك عليهم حفيظاً } أي مأموراً بحفظهم لئلاّ يخرجوا عمّا دعوتهم إليه كما يحفظ الراعي غنمه لئلا يتفرّقوا أي فلا تحزن لإعراضهم { إن عليك إلا البلاغ } أي ليس عليك إلاّ إيصال المعنى إلى أفهامهم والبيان لما فيه رشدهم { وإنّا إذا أذقنا الإنسان منّا رحمة } وأوصلنا إليه نعمة { فرح بها } أي بطر لأن الفرح المراد هنا ما قارنه أشرَ أو جحوداً أو إنكار لأنّه خرج مخرج الذم. وقيل: إنّ الرحمة هنا العافية { وإن تصبهم سيّئة بما قدمت أيديهم } أي قحط أو فقر أو مرض أو غير ذلك ممّا يسوؤهم { فإن الإنسان كفور } يعدّد المصيبة ويجحد النعم.
ثم بيّن سبحانه أن النعم كلها منه فقال { لله ملك السماوات والأرض } أي له التصرف فيهما وفيما بينهما وسياستهما بما تقتضيه الحكمة { يخلق ما يشاء } من أنواع الخلق { يهب لمن يشاء } من خلقه { إناثاً } فلا يولد له ذكر { ويهب لمن يشاء الذّكور } البنين فلا يولد له أنثى { أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً } معناه أو يجمع لهم بين البنين والبنات تقول العرب زوّجت إبلي أي جمعت بين صغارها وكبارها قال مجاهد: هو أن تلد المرأة غلاماً ثم جارية ثم غلاماً ثم جارية وقيل: هو أن تلد توأماً ذكراً وأنثى أو ذكراً ذكراً أو أنثى أنثى عن ابن زيد. وقيل: هو أن يجمع في الرحم الذكر والأُنثى عن محمد ابن الحنفيّة { ويجعل من يشاء } من الرجال والنساء { عقيماً } لا يلد ولا يولد له { إنّه عليم } بما خلق { قدير } على خلق من يشاء.