التفاسير

< >
عرض

حـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ
٢
مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ
٣
قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٤
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ
٥
-الأحقاف

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ علي (ع) وأبو عبد الرحمن السلمي أو أثرة بسكون الثاء من غير ألف وقرأ ابن عباس بخلاف وعكرمة وقتادة أو أثرة بفتحتين والقراءة المشهورة أو إثارة بالألف.
الحجة: قال ابن جني: الأثرة والإثارة البقية وهي ما يؤثر من قولهم أثر الحديث يأثُرِهُ أثْراً وأَثْره ويقولون هل عندك من هذا أثرة وإثارة أي أثر ومنه سيف مأثور أي عليه أثر الصنعة وطريق العمل وأما الأثرة ساكنة الثاء فهي أبلغ معنى وذلك أنها الفعلة الواحدة من هذا الأصل فهي كقولهم ائتوني بخبر واحد أو حكاية شاذة أي قنعت في الاحتجاج لكم بهذا الأصل على قلته.
المعنى: { حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم } مر تفسيره { ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } أي ما خلقناهما عبثاً ولا باطلاً وإنما خلقناهما لنتعبد سكانهما بالأمر والنهي ونعرضهم للثواب وضروب النعم فنجازيهم في الآخرة بأعمالهم { وأجل مسمى } يعني يوم القيامة فإنه أجل مسمى عنده مطوي عن العباد علمه إذا انتهى إليه تناهى وقامت القيامة وقيل هو مسمى للملائكة وفي اللوح المحفوظ { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } أي أن الكافرين عما أنذروا من القيامة والجزاء معرضون عادلون عن التفكر فيه.
{ قل } لهواء الذين كفروا بالله { أرأيتم ما تدعون من دون الله } من الأصنام { أروني ماذا خلقوا من الأرض } فاستحقوا بخلق ذلك العبادة والشكر { أم لهم شرك في السماوات } أي في خلقها وتقديره أم لهم شرك ونصيب في خلق السماوات.
ثم قال قل لهم { ائتوني بكتاب من قبل هذا } القرآن أنزله الله يدل على صحة قولكم { أو أثارة من علم } أي بقية من علم يؤثر من كتب الأولين يعلمون به أنهم شركاء الله { إن كنتم صادقين } فيما تقولون عن مجاهد. وقيل: أو أثارة من علم أي خبر من الأنبياء عن عكرمة ومقاتل. وقيل: هو الخط أي بكتاب مكتوب عن ابن عباس. وقيل: خاصة من علم أوثرتم بها عن قتادة والمعنى فهاتوا إحدى هذه الحجج الثلاث أولاها دليل العقل والثانية الكتاب والثالثة الخبر المتواتر إذا لم يمكنهم شيء من ذلك فقد وضح بطلان دعواهم.
{ ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة } أي من أضل عن طريق الصواب ممن يدعو من دون الله شيئاً لو دعاه إلى يوم القيامة لم يجبه ولم يغثه والمراد لا يستجيب له أبداً { وهم عن دعآئهم غافلون } أي ومن يدعونهم مع ذلك لا علم لهم بدعائهم ولا يسمعون دعاءهم وإنما كنّى عن الأصنام بالواو والنون لما أضاف إليها ما يكون من العقلاء كقوله
{ { رأيتهم لي ساجدين } [يوسف: 4].