التفاسير

< >
عرض

قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ
١
بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ
٢
أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ
٣
قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ
٤
بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ
٥

مجمع البيان في تفسير القرآن

ولم يعدّ ق آية ولا نظيرٌ له من نون وصاد لأنه مفرد وكل مفرد فإنه لا يعد لبعده من شبه الجملة فأما المركب مما أشبه الجملة ووافق رؤوس الآي فإنه يعد مثل طه وحم وآلم وما أشبه ذلك.
اللغة: المجيد الكريم المعظم والعظيم المكرم والمجد في كلامهم الشرف الواسع يقال مجُد الرجال ومجَد مجداً إذا عظم وكرم وأصله من قولهم مجَدت الإبل مجوداً إذا عظمت بطونها من كثرة أكلها من كلاء الربيع وأمجد فلان القوم قرى قال:

أَتيْنـــاهُ زَوّاراً فَأَمَجدنـــا قِـرىً مِنَ البَثِّ والدَّاءِ الدَّخِيلِ المُخامِرِ

والعجيب والعجب هو كل ما لا يعرف علته ولا سببه والمريج المختلط المتلبس وأصله إرسال الشيء مع غيره من المرج قال الشاعر:

فَجالتْ فَالْتَمَسْتُ بِهِ حَشاها فَخَـــرَّ كَأَنَّــــهُ غُصْنٌ مَرِيجُ

أي قد التبس بكثرة شعبه ومرجت عهودهم وأمر خلطوها ولم يفوا بها.
الإعراب: جواب القسم في ق والقرآن المجيد محذوف يدل عليه إذا متنا وكنا تراباً وتقديره إنكم مبعوثون فقال أنبعث إذا متنا وكنا تراباً ويجوز أن يكون الجواب قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وحذفت اللام لأَن ما قبلها عوض منها كما قال { والشمس وضحاها } إلى قوله
{ { قد أفلح من زكاها } [الشمس: 9] والمعنى لقد أفلح والعامل في أإذا متنا مضمر والتقدير أإذا متنا بعثنا.
المعنى: { ق } قد مر تفسيره. وقيل: إنه اسم من أسماء الله تعالى عن ابن عباس. وقيل: هو اسم الجبل المحيط بالأرض من زمردة خضراء خضرة السماء منها عن الضحاك وعكرمة. وقيل: معناه قضي الأمر أو قضي ما هو كائن كما قيل في حم حُمَّ الأمر { والقران المجيد } أي الكريم على الله العظيم في نفسه الكثير الخير والنفع لتبعثن يوم القيامة. وقيل: تقديره والقرآن المجيد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلالة قوله { بل عجبوا أن جآءهم منذر منهم } أي ما كذبك قومك لأنك كاذب بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم وحسبوا أنه لا يوحى إلا إلى ملك { فقال الكافرون هذا شيء عجيب } أي معجب عجبوا من كون محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً إليهم فأنكروا رسالته وانكروا البعث بعد الموت.
وهو قوله { أإذا متنا وكنا تراباً } أنبعث ونردّ أحياء { ذلك } أي ذلك الرد الذي يقولون { رجع بعيد } أي ردّ بعيد عن الأوهام وإعادة بعيدة عن الكون و المعنى أنه لا يكون ذلك لأنه غير ممكن.
ثم قال سبحانه { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } أي ما تأكل الأرض من لحومهم ودمائهم وتبليه من عظامهم فلا يتعذر علينا ردهم { وعندنا كتاب حفيظ } أي لعدتهم وأسمائهم وهو اللوح المحفوظ لا يشذ عنه شيء. وقيل: حفيظ أي محفوظ عن البلى والدروس وهو كتاب الحفظة الذين يكتبون أعمالهم.
ثم أخبر بتكذيبهم فقال { بل كذبوا بالحق لما جاءهم } والحق القرآن. وقيل: هو الرسول { فهم في أمر مريج } أي مختلط فمرّة قالوا مجنون وتارة قالوا ساحر وتارة قالوا شاعر فتحيروا في أمرهم لجهلهم بحاله ولم يثبتوا على شيء واحد وقالوا للقرآن أنه سحر مرة وزجر مرة ومفترى مرة فكان أمرهم ملتبساً عليهم قال الحسن ما ترك قوم الحق إلا مرج أمرهم.