التفاسير

< >
عرض

وَلَقَد يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
٣٢
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ
٣٣
إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ
٣٤
نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ
٣٥
وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ
٣٦
وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ
٣٧
وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ
٣٨
فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ
٣٩
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ
٤٠
وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ ٱلنُّذُرُ
٤١
كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ
٤٢
-القمر

مجمع البيان في تفسير القرآن

الإعراب: سحر إذا كان نكرة يراد به سحر من الأسحار يقال رأيت زيداً سحراً من الأسحار فإذا أردت سحر يومك قلت أتيته بسحرَ وأتيته سحرَ وقوله { نعمة } مفعول له وقوله { بكرة } ظرف زمان فإذا كان معرفة بأن تريد بكرة يومك تقول أتيته بكرةَ وغدوةَ لم تصرفهما فبكرة هنا نكرة.
المعنى: ثم أقسم سبحانه فقال { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدَّكر } قال قتادة أي فهل من طالب علم يتعلم { كذبت قوم لوط بالنذر } أي بالإِنذار. وقيل: بالرسل على ما فسّرناه { إنا أرسلنا عليهم حاصباً } أي ريحاً حصبتهم أي رمتهم بالحجارة والحصباء قال ابن عباس يريد ما حصبوا به من السماء من الحجارة في الريح قال الفرزدق:

مُسْتَقْبِلِينَ شِمال الشَّامِ تَضْرِبُنا بِحاصِــبٍ كَنَدِيفِ الْقُطْنِ مَنْثُورِ

ثم استثنى آل لوط فقال { إلا آل لوط نجيناهم } أي خلصناهم { بسحر } من ذلك العذاب الذي أصاب قومه { نعمة من عندنا } أي إنعاماً فيكون مفعولاً له ويجوز أن يكون مصدراً وتقديره أنعمنا عليهم بذلك نعمة { كذلك } أي كما أنعمنا عليهم { نجزي من شكر } قال مقاتل يريد من وحد الله تعالى لم يعذب مع المشركين.
{ ولقد أنذرهم } لوط { بطشتنا } أي أخذنا إياهم بالعذاب { فتماروا بالنذر } أي تدافعوا بالإِنذار على وجه الجدال بالباطل. وقيل: معناه فشكوا ولم يصدقوه وقالوا كيف يهلكنا وهو واحد منا وهو تفاعلوا من المرية.
{ ولقد راودوه عن ضيفه } أي طلبوا منه أن يسّلم إليهم أضيافه { فطمسنا أعينهم } أي محوناها والمعنى عميت أبصارهم عن الحسن وقتادة. وقيل: معناه أزلنا تخطيط وجوههم حتى صارت ممسوحة لا يرى أثر عين وذلك أن جبرائيل (ع) صفق أعينهم بجناحه صفقة فاذهبها والقصة مذكورة فيما مضى وتم الكلام.
ثم قال { فذوقوا عذابي ونذر } أي فقلنا لقوم لوط لما أرسلنا عليهم العذاب ذوقوا عذابي ونذري { ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر } أي أتاهم صباحاً عذاب نازل بهم حتى هلكوا جميعاً { فذوقوا عذابي ونذر } ووجه التكرار أن الأول عند الطمس والثاني عند الائتفاك فكلما تجدد العذاب تجدد التقريع.
{ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر } مر معناه { ولقد جآء آل فرعون } النذر أي متابعي فرعون بالقرابة والدين { النذر } أي الإِنذار. وقيل: هو جمع نذير يعني الآيات التي أنذرهم بها موسى { كذبوا بآياتنا كلها } وهي الآيات التسع التي جاءهم بها موسى. وقيل: بجميع الآيات لأن التكذيب بالبعض تكذيب بالكل { فأخذناهم } بالعذاب { أخذ عزيز } أي قادر لا يمتنع عليه شيء فيما يريد { مقتدر } على ما يشاء.