التفاسير

< >
عرض

مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ
١٦
-الأنعام

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ حمزة والكسائي وخلف ويعقوب وأبو بكر عن عاصم من يصرِف بفتح الياء وكسر الراء والباقون يُصرَف بضم الياء وفتح الراء.
الحجة: قال أبو علي فاعل يصرف الضمير العائد إلى ربي وينبغي أن يكون حذف الضمير العائد إلى العذاب والمعنى من يصرفه عنه وكذلك في قراءة أبي فيما زعموا وليس حذف هذا الضمير بالسهل وليس بمنزلة الضمير الذي يحذف من الصلة لأن مَنْ جزاء ولا يكون صلة على أن الضمير إنما يحذف من الصلة إذا عاد إلى الموصول نحو
{ أهذا الذي بعث الله رسولا } [الفرقان: 41] و { { وسلام على عباده الذين اصطفى } [النمل: 59] أي بعثهم واصطفاهم ولا يعود الضمير المحذوف هنا إلى موصول ولا إلى مَنْ التي للجزاء وإنما يرجع إلى العذاب في قولـه { عذاب يوم عظيم } وليس هذا بمنزلة قولـه { { والحافظين فروجهم والحافظات } } [الأحزاب: 35] وأن هذا فعل واحد قد تكرَّر وعدّي الأول منهما إلى المفعول فعلم بتعدية الاول أن الثاني بمنزلته.
وأما قراءة من قرأ يُصْرَف فالمسند إليه الفعل المبني للمفعول ضمير العذاب المتقدم ذكره والذكر العائد إلى المبتدأ الذي هو مَنْ في القراءتين جميعاً الضمير الذي في عنه ومما يقوي قراءة من قرأ يصرِف بفتح الياء أن ما بعده من قولـه فقد رحمه مسند إلى ضمير اسم الله تعالى فقد اتفق الفعلان في إلاسناد إلى هذا الضمير ومما يقوّي ذلك أيضاً أن الهاء المحذوفة من يصرفه لما كانت في حيز الجزاء وكان ما في حيزه في أنه لا يتسلط على ما تقدمه بمنزلة ما في الصلة في أنه لا يجوز أن يتسلط على الموصول حَسُنَ حذف الهاء منه كما حسن حذفها من الصلة.
المعنى: { من يصرف } العذاب { عنه يومئذ فقد رحمه } الله يريد من غفر له فإنه يثيبه الله لا محالة وذكر سبحانه الرحمة مع صرف العذاب لئلا يتوهم أنه ليس له إلا صرف العذاب عنه فقط { وذلك الفوز } أي الظفر بالبغية { المبين } الظاهر البَيَّن ويحتمل أن يكون معنى الآية: إنه لا يصرف العذاب عن أحد إلا برحمة الله كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" والذي نفسي بيده ما من الناس أحد يدخل الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله. قال: ولا أنا إلا أن يتغمَّدني الله برحمة منه وفضل ووضع يده على فوق رأسه وطوَّل بها صوته" . رواه الحسن في تفسيره.