التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ
٤١
وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ
٤٢
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيـۤئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٤٣
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
٤٤
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٥
كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ
٤٦
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٧
وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ
٤٨
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٩
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ
٥٠
-المرسلات

مجمع البيان في تفسير القرآن

المعنى: ثم ذكر سبحانه المؤمنين فقال { إن المتقين } الذين اتقوا الشرك والفواحش { في ظلال } من أشجار الجنة { وعيون } جارية بين أيديهم في غير أخدود لأن ذلك أمتع لهم بما يرونه من حسن مياهها وصفائها. وقيل: عيون أي ينابيع بما يجري خلال الأشجار { وفواكه } جمع فاكهة وهي ثمار الأشجار { مما يشتهون } أي من جنس ما يشتهونه والشهوة معنى في القلب إذا صادف المشتهى كان لذة وضدّها النفار.
ثم يقال لهم { كلوا واشربوا } صورته صورة الأمر والمراد الإباحة. وقيل: إنه أمر على الحقيقة وهو سبحانه يريد منهم الأكل والشرب في الجنة فإنهم إذا أعملوا ذلك ازداد سرورهم فلا يكون إرادته لذلك عبثاً { هنيئاً بما كنتم تعملون } في دار الدنيا أي خالصاً من التكدير والهنيء النفع الخالص من شائب الأذى. وقيل: هو الأذى الذي لا أذى يتبعه.
{ إنا كذلك نجزي المحسنين } هذا ابتداء الإخبار من الله تعالى ويقال لهم ذلك أيضاً { ويل يومئذٍ للمكذبين } بهذا الوعد.
ثم عاد الكلام إلى ذكر المكذبين فقال سبحانه { كلوا } أي يقال لهم كلوا { وتمتعوا } في الدنيا { قليلاً } أي تمتعاً قليلاً أو زماناً قليلاً فإن الموت كائن لا محالة { إنكم مجرمون } أي مشركون مستحقون للعقاب { ويل يومئذٍ للمكذبين } بهذا الوعيد.
{ وإذا قيل لهم اركعوا } أي صلّوا { لا يركعون } أي لا يصلون. قال مقاتل: نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول الله بالصلاة فقالوا: لا ننحني والرواية لا نحني فإن ذلك سبَّة علينا فقال صلى الله عليه وسلم:
"لا خير في دين ليس فيه ركوع وسجود" . وقيل: إن المراد بذلك يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون عن ابن عباس { ويل يومئذٍ للمكذبين } بوجوب الصلاة والعبادات { فبأي حديث بعده يؤمنون } أي فبأي كتاب بعد القرآن يصدقون ولم يصدقوا به مع إعجازه وحسن نظمه فإن من لم يؤمن به مع ما فيه من الحجة الظاهرة والآية الباهرة لا يؤمن بغيره.