التفاسير

< >
عرض

رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ
١٠١
ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ
١٠٢
وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
١٠٣
-يوسف

تفسير القرآن

حدثني محمد بن عيسى عن يحيى بن أكثم وقال سأل موسى بن محمد بن علي بن موسى مسائل فعرضها على أبي الحسن عليه السلام فكانت أحديها أخبرني عن قول الله عز وجل ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً سجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء، فأجاب أبو الحسن عليه السلام أما سجود يعقوب وولده ليوسف فإنه لم يكن ليوسف وإنما كان ذلك من يعقوب وولده طاعة لله وتحية ليوسف كما كان السجود من الملائكة لآدم ولم يكن لآدم إنما كان ذلك منهم طاعة لله وتحية لآدم فسجد يعقوب وولده وسجد يوسف معهم شكر الله لاجتماع شملهم ألم تر أنه يقول في شكره ذلك الوقت: { ربِّ قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأَرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين } [101] فنزل جبرائيل فقال له يا يوسف أخرج يدك فأخرجها فخرج من بين أصابعه نور، فقال ما هذا النور يا جبرائيل؟ فقال هذه النبوة أخرجها الله من صلبك لأنك لم تقم لأبيك فحط الله نوره ومحى النبوة من صلبه وجعلها في ولد لاوي أخي يوسف وذلك لأنهم لما أرادوا قتل يوسف قال: { لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب } فشكر الله له ذلك ولما أرادوا أن يرجعوا إلى أبيهم من مصر وقد حبس يوسف أخاه قال: { لن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين } فشكر الله له ذلك فكان أنبياء بني إسرائيل من ولد لاوي وكان موسى من ولد لاوي وهو موسى بن عمران بن يهصر بن واهث (واهب ك) بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فقال يعقوب لابنه يا بني أخبرني ما فعل بك أخوتك حين أخرجوك من عندي؟ قال يا أبت أعفني من ذلك، قال أخبرني ببعضه؟ فقال يا أبت إنهم لما أدنوني من الجب قالوا انزع قميصك فقلت لهم يا اخوتي اتقوا الله ولا تجردوني فسلوا علي السكين وقالوا لأن لم تنزع لنذبحنك فنزعت القميص وألقو بي في الجب عرياناً، قال فشهق يعقوب شهقة واغمي عليه فلما أفاق قال يا بني حدثني فقال يا أبتِ أسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلا أعفيتني فأعفاه.
قال ولما مات العزيز وذلك في السنين الجدبة افتقرت امرأة العزيز واحتاجت حتى سألت الناس فقالوا ما يضرك لو قعدت للعزيز وكان يوسف يسمى العزيز فقالت أستحي منه فلم يزالوا بها حتى قعدت له على الطريق فأقبل يوسف في موكبه فقامت إليه وقالت: سبحان من جعل الملوك بالمعصية عبيداً وجعل العبيد بالطاعة ملوكاً، فقال لها يوسف، أنت هاتيك؟ فقالت نعم وكان اسمها زليخا فقال لها هل لك فيَّ؟ قالت: دعني بعدما كبرت أتهزء بي؟ قال: لا قالت: نعم فأمر بها فحولت إلى منزله وكانت هرمة فقال لها يوسف ألست فعلت بي كذا وكذا فقالت يا نبي الله لا تلمني فإني بليت ببلية لم يبل بها أحد قال وما هي؟ قالت بليت بحبك ولم يخلق الله لك في الدنيا نظيراً وبليت بحسني بأنه لم تكن بمصر امرأة أجمل مني ولا أكثر مالاً مني نزع عني مالي وذهب عني جمالي (وبليت بزوج عنين ط) فقال لها يوسف فما حاجتك؟ قالت تسأل الله أن يرد علي شبابي فسأل الله فرد عليها شبابها فتزوجها وهي بكر، قالوا إن العزيز الذي كان زوجها أولاً كان عنيناً وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: { قد شغفها حباً } يقول قد حجبها حبه عن الناس فلا تعقل غيره والحجاب هو الشغاف والشغاف هو حجاب القلب، قال علي بن إبراهيم ثم قال الله لنبيه عليه السلام { ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ثم قال وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } [102-103].