التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ
٣٥
وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيۤ أَرَانِيۤ أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ ٱلآخَرُ إِنِّي أَرَانِيۤ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٣٦
قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيۤ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
٣٧
وَٱتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـيۤ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيْءٍ ذٰلِكَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ
٣٨
يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ
٣٩
مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٤٠
يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا ٱلآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ
٤١
وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا ٱذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ ٱلشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ
٤٢
-يوسف

تفسير القرآن

في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: { ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين } [35] فالآيات شهادة الصبي والقميص المخرق من دبر واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب فلما عصاها فلم تزل ملحة بزوجها حتى حبسه { ودخل معه السجن فتيان } [36] يقول عبدان للملك أحدهما خباز والآخر صاحب الشراب والذي كذب ولم ير المنام هو الخباز، رجع عليه السلام إلى حديث علي بن إبراهيم قال ووكل الملك بيوسف رجلين يحفظانه فلما دخلا السجن قالا له ما صناعتك؟ قال أعبر الرؤيا فرأى أحد الموكلين في نومه كما قال الله عز وعلا: { أعصر خمراً } قال يوسف: تخرج وتصير على شراب الملك وترتفع منزلتك عنده وقال الآخر: { إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه } ولم يكن رأى ذلك فقال له يوسف أنت يقتلك الملك ويصلبك وتأكل الطير من دماغك، فجحد الرجل وقال اني لم أر ذلك، فقال يوسف كما قال الله تعالى: { يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمراً وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } [41] فقال أبو عبد الله عليه السلام في قوله: { إنا نراك من المحسنين } قال كان يقوم على المريض ويلتمس المحتاج ويوسع على المحبوس فلما أراد من رأى في نومه يعصر الخمر الخروج من الحبس قال له يوسف { اذكرني عند ربك } [42] فكان كما قال الله عز وجل { فأنساه الشيطان ذكر ربه } أخبرنا الحسن به علي عن أبيه عن إسماعيل بن عمر عن شعيب العقرقوفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن يوسف أتاه جبرائيل فقال له: يا يوسف إن رب العالمين يقرؤك السلام ويقول لك من جعلك في أحسن خلقه؟ قال فصاح ووضع خده على الأرض ثم قال أنت يا رب، ثم قال له: ويقول لك من حببك إلى أبيك دون إخوتك؟ قال فصاح ووضع خده على الأرض وقال أنت يا رب، قال ويقول لك: من أخرجك من الجب بعد أن طرحت فيها وأيقنت بالهلكة؟ قال: فصاح ووضع خده على الأرض ثم قال: أنت يا رب قال: فإن ربك قد جعل لك جل عقوبة في استغاثتك بغيره فلبثت في السجن بضع سنين، قال فلما انقضت المدة وأذن الله له في دعاء الفرج فوضع خده على الأرض ثم قال "اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فإني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب" ففرج الله عنه، قلت جعلت فداك أندعو نحن بهذا الدعاء؟ فقال ادع بمثله "اللهم إن كانت ذنوبي قد اخلقت وجهي عندك فإني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام".