التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلٰوةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
٣
-البقرة

تفسير القرآن

قال بيان لشيعتنا قوله: { الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } قال: مما علمناهم ينبئون ومما علمناهم من القرآن يتلون وقال ألم هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المتقطع في القرآن الذي خوطب به النبي صلى الله عليه وآله والإمام فإذا دعا به أُجيب والهداية في كتاب الله على وجوه أربعة فمنها ما هو للبيان للذين يؤمنون بالغيب قال يصدقون بالبعث والنشور والوعد والوعيد والإيمان في كتاب الله على أربعة أوجه فمنه إقرار باللسان قد سماه الله إيمانا ومنه تصديق بالقلب ومنه الإِداء ومنه التأييد.
(الأول) الإيمان الذي هو إقرار باللسان وقد سماه الله تبارك وتعالى إيماناً ونادى أهله به لقوله:
{ { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيداً ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ياليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً } [النساء: 71-73] قال الصادق عليه السلام لو أن هذه الكلمة قالها أهل المشرق وأهل المغرب لكانوا بها خارجين من الإيمان ولكن قد سماهم الله مؤمنين بإقرارهم وقوله: { يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله } فقد سماهم الله مؤمنين بإقرارهم ثم قال لهم صدقوا.
(الثاني) الإيمان الذي هو التصديق بالقلب فقوله:
{ { الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } [يونس: 64] يعني صدقوا وقوله { وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } أي لا نصدقك وقوله { { يا أيها الذين آمنوا آمنوا } [النساء: 136] اي يا أيها الذين أقروا صدقوا فالإيمان الحق هو التصديق وللتصديق شروط لا يتم التصديق إلا بها وقوله { { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } [البقرة: 177] فمن أقام بهذه الشروط فهو مؤمن مصدق.
(الثالث) الإيمان الذي هو الأداء فهو قوله لما حول الله قبلة رسوله إلى الكعبة قال أصحاب رسول الله يا رسول الله صلواتنا إلى بيت المقدس بطلت فانزل الله تبارك وتعالى
{ { وما كان الله ليضيع إيمانكم } [البقرة: 143] فسمى الصلاة إيماناً.
(الرابع) من الإيمان وهو التأييد الذي جعله الله في قلوب المؤمنين من روح الإيمان فقال:
{ { لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباء‌هم أو أبناء‌هم أو أخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإِيمان وأيدهم بروح منه } [المجادلة: 22] والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله " لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن يفارقه روح الإيمان ما دام على بطنها فإذا قام عاد إليه قيل وما الذي يفارقه قال الذي يدعه (يرعد ط) في قلبه" ثم قال صلى الله عليه وسلم "ما من قلب إلا وله أذنان على أحدهما ملك مرشد وعلى الآخر شيطان مغتر هذا يأمره وهذا يزجره" ومن الإيمان ما قد ذكره الله في القرآن (خبيث وطيب ط) حيث قال { { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب } [آل عمران: 179] ومنهم من يكون مؤمناً مصدقاً ولكنه يلبس إيمانه بظلم وهو قوله { { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } [الأنعام: 82] فمن كان مؤمناً ثم دخل في المعاصي التي نهى الله عنها فقد لبس إيمانه بظلم فلا ينفعه الإيمان حتى يتوب إلى الله من الظلم الذي لبس إيمانه حتى يخلص لله فهذه وجوه الإيمان في كتاب الله.