التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ
٥٩
قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ
٦٠
قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ
٦١
قَالُوۤاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يٰإِبْرَاهِيمُ
٦٢
قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ
٦٣
فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٦٤
ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ
٦٥
قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ
٦٦
أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٦٧
قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ
٦٨
-الأنبياء

تفسير القرآن

لما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا إلى الأصنام مكسرة فقالوا: { من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم } [59-60] وهو ابن آزر فجاؤا به إلى نمرود فقال نمرود لآزر: خنتني وكتمت هذا الولد عني فقال أيها الملك هذا عمل أمه وذكرت أني أتقوم بحجته، فدعا نمرود أم إبراهيم فقال: ما حملك على أن كتمتني أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل؟ فقالت: أيها الملك نظراً مني لرعيتك قال: وكيف ذلك؟ قالت: رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل فقلت: إن كان هذا الذي تطلبه دفعته إليك لتقتله وتكف عن قتل أولاد الناس وإن لم يكن ذلك بقي لنا ولدنا وقد ظفرت به فشأنك فكف عن أولاد الناس فصوب رأيها ثم قال لإِبراهيم عليه السلام: من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ قال إبراهيم: { فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون } [63] فقال الصادق عليه السلام: والله ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم فقيل: وكيف ذلك؟ قال: إنما قال فعله كبيرهم هذا إن نطق وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئاً، فاستشار نمرود قومه في إبراهيم { قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين } [68] فقال الصادق عليه السلام كان فرعون إبراهيم لغير رشد وأصحابه لغير رشد (فرعون إبراهيم لغير رشده وأصحابه لغير رشدهم - ك -) فإنهم قالوا لنمرود: احرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين وكان موسى وأصحابه رشده فإنه لما استشار أصحابه في موسى قالوا: ارجه وأخاه وارسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم، فحبس إبراهيم وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقي فيه نمرود إبراهيم في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بني لنمرود بناء لينظر منه إلى إبراهيم كيف تأخذه النار، فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق لأنه لم يقدر واحد أن يقرب من تلك النار عن غلوه سهم وكان الطائر من مسيرة فرسخ يرجع عنها إن يتقارب من النار وكان الطائر إذا مر في الهواء يحترق فوضع إبراهيم عليه السلام في المنجنيق وجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له ارجع عما أنت عليه.
وأنزل الرب ملائكته إلى السماء الدنيا ولم يبق شيء إلا طلب إلى ربه وقالت الأرض: يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق وقالت الملائكة يا رب خليلك إبراهيم يحرق، فقال الله عزَّ وجلَّ: إما أنه إن دعاني كففته؟ وقال جبرائيل: يا رب خليلك إبراهيم ليس في الأرض أحد يعبدك غيره سلطت عليه عدوه يحرقه بالنار فقال: اسكت إنما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت هو عبدي آخذه إذا شئت فإن دعاني أجبته فدعا إبراهيم عليه السلام ربه بسورة الاخلاص "يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد نجني من النار برحمتك" فالتقى معه جبرائيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق، فقال: يا إبراهيم هل لك إلي من حاجة؟ فقال إبراهيم: أما إليك فلا، وأما إلى رب العالمين فنعم فدفع إليه خاتماً عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله ألجأت ظهري إلى الله أسندت أمري إلى (قوه خ ل) الله وفوضت أمري إلى الله، فأوحى الله إلى النار كوني برداً فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد حتى قال وسلاماً على إبراهيم وانحط جبرائيل وجلس معه يحدثه في النار ونظر إليه نمرود، فقال من اتخذ إلهاً فليتخذ مثل إله إبراهيم، فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود: إني عزمت على النار أن لا تحرقه فخرج عمود من النار نحو الرجل فأحرقته فآمن له لوط وخرج مهاجراً إلى الشام ونظر نمرود إلى إبراهيم في روضة خضراء في النار ومعه شيخ يحدثه فقال لآزر: ما أكرم ابنك على ربه قال: وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم وكل الضفدع يذهب بالماء ليطفئ به النار قال: ولما قال الله للنار كوني برداً وسلاماً لم تعمل النار في الدنيا ثلاثة أيام.