التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
٨٣
-القصص

تفسير القرآن

أما قوله: { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين } فإنه حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد الله عليه السلام: يا حفص ما منزلة الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها، يا حفص إن الله تبارك وتعالى علم ما العباد عاملون وإلى ما هم صايرون فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت ثم تلا قوله: { تلك الدار الآخرة }...الآية، وجعل يبكي ويقول ذهبت والله الأمانى عند هذه الآية ثم قال فاز والله الأبرار أتدري من هم؟ هم الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علماً وكفى بالإِغترار بالله جهلاً يا حفص! انه يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد، من تعلم وعلم وعمل بما علم دعي في ملكوت السماوات عظيماً، فقيل تعلم لله وعمل لله وعلم لله، قلت جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا؟ فقال قد حد الله في كتابه فقال عزَّ وجلَّ { { لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم } [الحديد: 23] إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله وأخوفهم له أعلمهم به وأعلمهم به أزهدهم فيها، فقال له رجل يابن رسول الله أوصني فقال اتق الله حيث كنت فانك لا تستوحش وقال أبو عبد الله عليه السلام أيضاً في قوله: { علواً في الأرض ولا فساداً } قال: العلو الشرف والفساد النساء.