التفاسير

< >
عرض

ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ
٦٧
-الزخرف

تفسير القرآن

قوله: { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } يعني: الأصدقاء يعادي بعضهم بعضاً، وقال الصادق عليه السلام ألا كل خلة كانت في الدنيا في غير الله فإنها تصير عداوة يوم القيامة وقال أمير المؤمنين عليه السلام: وللظالم غداً بكفه (يكفيه عضة يديه ط) عضة وللرجل وشيك وللأخلاء ندامة إلا المتقين.
أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن شعيب بن يعقوب عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عليه السلام قال في خليلين مؤمنين وخليلين كافرين ومؤمن غني ومؤمن فقير وكافر غني وكافر فقير، فأما الخليلان المؤمنان فتخالا حياتهما في طاعة الله وتباذلا عليها وتوادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله منزله في الجنة يشفع لصاحبه، فقال يا رب خليلي فلان كان يأمرني بطاعتك ويعينني عليها وينهاني عن معصيتك فثبته على ما ثبتني عليه من الهدى حتى تريه ما أريتني فيستجيب الله له حتى يلتقيا عند الله عز وجل فيقول كل واحد منهما لصاحبه جزاك الله من خليل خيراً كنت تأمرني بطاعة الله وتنهاني عن معصية الله، وأما الكافران فتخالا بمعصية الله وتباذلا عليها وتوادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله تبارك وتعالى منزله في النار فقال يا رب فلان خليلي كان يأمرني بمعصيتك وينهاني عن طاعتك فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى تريه ما أريتني من العذاب فيلتقيان عند الله يوم القيامة يقول كل واحد منهما لصاحبه جزاك الله من خليل شراً كنت تأمرني بمعصية الله وتنهاني عن طاعة الله قال ثم قرأ عليه السلام: { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } ويدعى بالمؤمن الغني يوم القيامة إلى الحساب يقول الله تبارك وتعالى عبدي! قال: لبيك يا رب قال ألم أجعلك سميعاً وبصيراً وجعلت لك مالاً كثيراً؟ قال: بلى يا رب، قال: فما أعددت للقائي؟ قال: آمنت بك وصدقت رسولك وجاهدت في سبيلك، قال: فماذا فعلت فيما آتيتك؟ قال: أنفقت في طاعتك، قال: ماذا أورثت في عقبك؟ قال: خلقتني وخلقتهم ورزقتني ورزقتهم وكنت قادراً على أن ترزقهم كما رزقتني فوكلت عقبي إليك، فيقول الله عز وجل صدقت اذهب فلو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيراً.
ثم يدعى بالمؤمن الفقير فيقول يا عبدي! فيقول لبيك يا رب فيقول ماذا فعلتُ فيقول يا رب هديتني لدينك وأنعمت علي وكففت عني ما لو بسطته لخشيت أن يشغلني عما خلقتني له، فيقول الله عز وجل صدقت عبدي لو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيراً، ثم يدعى بالكافر الغني فيقول ما أعددت للقائي؟ فيعتل، فيقول: ماذا فعلت فيما آتيتك؟ فيقول ورثته عقبي فيقول من خلقك؟ فيقول أنت فيقول من خلق عقبك؟ فيقول أنت، فيقول: ألم أك قادراً على أن أرزق عقبك كما رزقتك؟ فإن قال نسيت، هلك، وإن قال لم أدر ما أنت هلك، فيقول الله عز وجل لو تعلم ما لك عندي لبكيت كثيراً، قال ثم يدعى بالكافر الفقير فيقول يا بن آدم ما فعلت فيما أمرتك؟ فيقول: ابتليتني ببلاء الدنيا حتى أنسيتني ذكرك وشغلتني عما خلقتني له، فيقول له فهلا دعوتني فأرزقك وسألتني فأعطيك؟ فإن قال يا رب نسيت هلك، وإن قال: لم أدر ما أنت هلك، فيقول له: لو تعلم ما لك عندي لبكيت كثيراً.