التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ
٢
وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ
٣
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَآقِّ ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٤
-الحشر

تفسير القرآن

{ سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا } [1-2] قال: سبب نزول ذلك أنه كان بالمدينة ثلاثة أبطن من اليهود بنو النضير وقريظة وقينقاع، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عهد ومدة فنقضوا عهدهم وكان سبب ذلك من بني النضير في نقض عهدهم أنه أتاهم رسول الله صلى الله عليه وآله يستسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من أصحابه غيلة يعني: يستقرض، وكان قصد كعب بن الأشرف، فلما دخل على كعب قال: مرحباً يا أبا القاسم وأهلاً! وقام كأنه يضع له الطعام وحدث نفسه أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وآله ويتبع أصحابه، فنزل جبرائيل عليه السلام فأخبره بذلك، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة وقال لمحمد بن مسلمة الأنصاري اذهب إلى بني النضير فأخبرهم أن الله عز وجل قد أخبرني بما هممتم به من الغدر فأما أن تخرجوا من بلدنا وأما أن تأذنوا بحرب، فقالوا نخرج من بلادك فبعث إليهم عبد الله بن أبي ألا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمداً الحرب فإني أنصركم أنا وقومي وحلفائي، فإن خرجتم خرجت معكم وإن قاتلتم قاتلت معكم، فأقاموا وأصلحوا حصونهم وتهيئوا للقتال وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إنا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع.
فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وكبر وكبر أصحابه وقال لأمير المؤمنين عليه السلام تقدم إلى بني النضير فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام الراية وتقدم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وأحاط بحصنهم، وغدر بهم عبد الله بن أبي وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا ما يليهم وخربوا ما يليه وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك وقالوا يا محمد إن الله يأمرك بالفساد؟ إن كان لك هذا فخذه وإن كان لنا فلا تقطعه، فلما كان بعد ذلك قالوا يا محمد نخرج من بلادك وأعطنا ما لنا، فقال لا، ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإِبل، فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياماً، ثم قالوا نخرج ولنا ما حملت الإِبل، فقال لا ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئاً فمن وجدنا معه شيئاً من ذلك قتلناه، فخرجوا على ذلك ووقع قوم منهم إلى فدك ووادي القرى وخرج منهم قوم إلى الشام فأنزل الله فيهم: { هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا - إلى قوله - فإن الله شديد العقاب } [2-4].