التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيۤ أَيْدِيكُمْ مِّنَ ٱلأَسْرَىٰ إِن يَعْلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٧٠
وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٧١
-الأنفال

تفسير القرآن

أنزل الله على رسوله في ذلك: { يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم } [70] ثم قال { وإن يريدوا خيانتك - في علي - فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم } [71] ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعقيل. قد قتل الله يا أبا يزيد أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشبيب بن ربيعة ومنية وبنية ابني الحجاج ونوفل بن خويلد وسهيل بن عمرو والنظر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط وفلاناً وفلاناً، فقال عقيل إذاً لا تنازع في تهامة فإن كنت قد أثخنت القوم إلا فاركب أكتافهم فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله.
وكان القتلى ببدر سبعين والأسرى سبعين قتل منهم أمير المؤمنين عليه السلام سبعة وعشرين ولم يؤسر أحداً، فجمعوا الأسارى وقرنوهم في الجمال وساقوهم على أقدامهم وجمعوا الغنائم، وقتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله تسعة رجال فمنهم سعد بن خثيمة وكان من النقباء فرحل رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل الإِثيل عند غروب الشمس وهو من بدر على ستة أميال فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث بن كلدة وهما في قران واحد، فقال النضر لعقبة يا عقبة أنا وأنت من المقتولين فقال عقبة من بين قريش قال نعم لأن محمداً قد نظر إلينا نظرة رأيت فيها القتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي عليَّ بالنضر وعقبة وكان النضر رجلاً جميلاً عليه شعر فجاء علي فأخذ بشعره فجره إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال النضر يا محمد أسألك بالرحم الذي بيني وبينك إلا أجريتني كرجل من قريش إن قتلتهم قتلتني وإن فاديتهم فاديتني وإن أطلقتهم أطلقتني فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا رحم بيني وبينك قطع الله الرحم بالإِسلام قدمه يا علي فاضرب عنقه، فقال عقبة يا محمد ألم تقل لا تصبر قريش أي: لا يقتلون صبراً، قال: أفأنت من قريش؟ إنما أنت علج من أهل صفورية لأنت في الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعى له لست منها قدمه يا علي فاضرب عنقه، فقدمه وضرب عنقه فلما قتل رسول الله صلى الله عليه وآله النضر وعقبة خافت الأنصار أن يقتل الأسرى كلهم فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين وهم قومك وأسراك هبهم لنا يا رسول الله وخذ منهم الفداء وأطلقهم فأنزل الله عليهم
{ { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً } [الأنفال: 67-69] فأطلق لهم أن يأخذوا الفداء ويطلقوهم وشرط أنه يقتل منهم في عام قابل بعدد من يأخذوا منهم الفداء فرضوا منه بذلك فلما كان يوم أحد قتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سبعون رجلاً فقال من بقي من أصحابه يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذا الذي أصابنا وقد كنت تعدنا بالنصر! فأنزل الله عز وجل فيهم { { أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها } [آل عمران: 165] ببدر قتلتم سبعين وأسرتم سبعين { قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم } [آل عمران: 165] بما اشترطتم.