التفاسير

< >
عرض

فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ
٣٢
-يونس

التبيان الجامع لعلوم القرآن

"ذلك" إشارة إلى اسم الله الذي ذكره في الآية الاولى، ووصفه بأنه الذي يخرج الحي من الميت، والميت من الحي ويرزق الخلق من السماء والارض. و (الكاف والميم) للمخاطبين، وإنما جمع لأنه أراد جميع الخلق، فأخبر الله تعالى ان الذي وصفه في الاية الأولى هو { الله ربكم } الذي خلقكم ويملك تصرفكم. وإنما وصفه بأنه { الحق } لأن له معنى الالهية دون غيره من الأوثان والأصنام، وهو الرب تعالى وحده.
وقوله { فماذا بعد الحق إلا الضلال } صورته صورة الاستفهام والمراد به التقرير على موضع الحجة، لأنه لا يجد المجيب محيداً عن الاقرار به إلا بذكر ما لا يلتفت اليه، وكلما تدعو اليه الحكمة على اختلافه فهو حق، والمراد انه ليس بعد الاقرار بالحق والانقياد له إلا الضلال والعدول عنه. وقوله { فأنى تصرفون } أي كيف تصرفون وتعدلون عن عبادته مع وضوح الدلالة على أنه لا معبود سواه والصرف هو الذهاب عن الشيء، فالصرف عن الحق ذهاب إلى الباطل، وقد أنكر الله ذلك. وفيه دلالة على أنه من فعل غيره من الغواة لأنه لو كان من فعله لما انكره كما لم ينكر شيئاً من أفعال نفسه.