التفاسير

< >
عرض

كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٣٣
-يونس

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ أهل المدينة وابن عامر { كلمات } ها هنا وفي آخرها، وفي المؤمن على الجمع. الباقون على التوحيد. قال ابو علي: من قرأ على التوحيد احتمل في ذلك وجهين:
أحدهما - ان يكون جعل ما أوعد به الفاسقين كلمة وإن كانت في الحقيقة كلمات، لانهم قد يسمون القصيدة والخطبة كلمة، فكذلك ما ذكرناه.
والثاني - ان يريد بذلك الجنس وقد اوقع على بعض الجنس كما أوقع اسم الجنس على بعضه في قوله
{ { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل } ومن جمع فانه جعل الكلمات التي يوعدون بها كل واحدة منها كلمة ثم جمع، فقال: كلمات. وأما قوله { كلمة الله هي العليا } فيجوز ان يكون عنى بها قوله { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي } كما فسر قوله { { وألزمهم كلمة التقوى } انه لا إلهة الا الله، ذكره مجاهد. والكاف في قوله كذلك في موضع نصب والتقدير مثل أفعالهم جازاهم ربك. وقيل في المشبه به { كذلك حقت كلمة ربك } قولان:
احدهما - المعنى في انه ليس بعد الحق الا الضلال فشبه به كلمة الحق بأنهم لا يؤمنون في الصحة.
الثاني - ما تقدم من العصيان شبه به الجزاء بكلمة العذاب في الوقوع على المقدار. وانما اطلق في الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون، لانه أريد به الذين تمردوا في كفرهم. و { أنهم } في موضع نصب على قول الفراء والتقدير بأنهم أو لأنهم لا يؤمنون فقوله { أنهم لا يؤمنون } بدل من كلمة ربك. فأعلم الله أنهم باعمالهم قد منعوا من الايمان، وجائز ان تكون الكلمة ما وعدوا به من العقاب. والفسق في الشرع هو الخروج في المعصية إلى الكبيرة فان كانت كفراً فالخروج إلى أكبره وكذلك ان كانت منع حق. وفائدة الآية الابانة عن الحال التي لا يفلح صاحبها ليحذر من مثلها، لأنه قد يكون في المعلوم أنه من بلغ ذلك الحد لم يفلح، قال: وأصل المعنى حقت كلمة ربك ان الفساق والكفار ما داموا كفاراً فساقاً فلا يكونون مؤمنين. وقال الجبائي: معناه وجدانكم إياهم على الكفر والاصرار عليه دليل على ان ما أخبر الله تعالى عنهم بأنهم لا يؤمنون حق وصدق.