التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي ٱلأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٥٤
-يونس

التبيان الجامع لعلوم القرآن

أخبر الله تعالى على وجه التعظيم لهذا العذاب وشدته بأنه لو كان لمن ظلم بارتكاب المعاصي { ما في الأرض } من الأموال { لافتدت به } من هول ما يلحقه من العذاب. وفتحت { أن } بعد { لو } لأنها مبنية على ما هو بمنزلة العامل لاختصاصها بالفعل، والتقدير لو كان أن لكل نفس، إلا أنه لا يظهر المعنى عن اظهاره بطلب { أن } له. وجاز أن تقع { أن } بعد { لو } ولم يجز المصدر، لأن فتحها يدل على إظمار العامل اللفظي وليس كذلك المصدر، لأنه مما يعمل فيه الابتداء.
والافتداء إيقاع الشيء بدل غيره لدفع المكروه يقال: فداه يفديه فدية وفداء، وافتداه افتداء، وفاداه مفاداة وتفادى تفادياً، وفدّاه تفدية.
وقوله { وأسروا الندامة لما رأوا العذاب } أي أخفوا الندامة. وقيل { وأسروا الندامة } رؤساء الضلالة من الاتباع والسفلة. وقيل { أسروا الندامة } أي اخلصوها. والندامة الحسرة على ما كان يتمنى انه لم يكن، وهي حالة معقولة يتأسف صاحبها على ما وقع منه ويود أنه لم يكن أوقعه. وقال ابوعبيدة { أسروا } معناه أظهروا. قال الازهري: هذا غلط إنما يكون بمعنى الاظهار ما كان بالشين المنقطة من فوق وقوله { وقضي بينهم بالقسط } اي فصل بينهم بالعدل { وهم لا يظلمون } في القضاء والحكم بينهم وما يفعل بهم من العقاب، لأنهم جرّوه على أنفسهم بارتكاب المعاصي. وروي أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله ما يغنيهم اسرار الندامة وهم في النار؟ قال:
"يكرهون شماتة الاعداء" وروي مثله عن أبي عبد الله عليه السلام.