التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَا فِي ٱلأَرْضِ إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَآ أَتقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٦٨
-يونس

التبيان الجامع لعلوم القرآن

الذين أضافوا اتخاذ الولد طائفتان: احداهما - كفار قريش والعرب، فانهم قالوا: الملائكة بنات الله. والاخرى - النصارى الذين قالوا: المسيح ابن الله، فكذب الله الفريقين. ولا يجوز اتخاذ الولد على الله على وجه التبني، كما لا يجوز عليه اتخاذ إله على التعظيم، لانه لما استحال حقيقته عليه استحال مجازه المبني عليها. وحقيقة الولد من ولد على فراشه او خلق من مائه، ولذلك لا يقال: تبنى الشاب شيخاً، ولا تبنى الانسان بهيمة لماكان ذلك مستحيلا، وهذه الحقيقة مستحيلة فيه تعالى، فاستحال مجازها أيضاً. واتخاذ الخليل جائز، لان الخلة اصفاء المودة التي توجب الاطلاع على سره ثقة به. وان كان مشتقاً من الخلة - بفتح الخاء - فهو لافتقاره اليه، لان الخلة هي الحاجة. ويجوز ان يقال المسيح روح الله، لان الارواح كلها ملك لله. وانما خص المسيح بالذكر تشريفاً له بهذا الذكر كما خص الكعبة بأنها بيت الله، وان كانت الارض كلها لله تعالى. وقوله { سبحانه هو الغني } تنزيه من الله تعالى نفسه عن اتخاذ الولد لكونه غير محتاج إلى ذلك، لانه مالك ما في السموات والارض. وقوله { إن عندكم من سلطان بهذا } إخبار منه أنه ليس مع هؤلاء الذين يتخذون مع الله ولداً برهان ولا حجة، لأن السلطان هو البرهان الظاهر، ووبخهم على قولهم ذلك فقال { أتقولون على الله ما لا تعلمون } لأن من أقدم على الاخبار عما لا يعلم صحته ولا يأمن كونه كذباً مقبح عند العقلاء.