التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلْحَيٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ
٧
-يونس

التبيان الجامع لعلوم القرآن

معنى { إن الذين لا يرجون لقاءنا } يحتمل أمرين:
احدهما - لا يخافون عقابنا، كما قال الهذلي:

اذا لسعته النحل لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عواسل

والثاني - أن يكون معناه لا يطمعون في ثوابنا، كما يقال تاب رجاء لثواب الله وخوفاً من عقابه. والملاقاة وإن كانت لا تجوز الا على الاجسام. فانما اضافها إلى نفسه، لان ملاقاة ما لا يقدر عليه إلا الله يحسن ان يجعل لقاء الله تفخيماً لشأنه كما جعل إتيان ملائكته اتياناً لله في قوله { { هل ينظرون الا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام } وكما قال { وجاء ربك } وانما يريد وجاء امر ربك.
ومعنى قوله { ورضوا بالحياة الدنيا } قنعوا بها دون غيرها من خير الاخرة ومن كان على هذه الصفة، فهو مذموم لانقطاعه بها عن الواجب من أمر الله. وقوله { واطمأنوا بها } معناه ركنوا اليها على وجه التمكين فيه، فهؤلاء مكنوا الاحوال الدنيا، فصاحبها يفرح لها ويغتم لها ويرضى لها ويسخط لها. وقوله { والذين هم عن آياتنا غافلون } معناه الذين يذهبون عن تأمل هذه الايات ولا يعتبرون بها.
والغفلة والسو نظائر، وهو الذهاب المعنى عن القلب بما يضاده وقد تستعمل الغفلة في التعرض لها، ولذلك يقولون: تغافل ولا يقولون مثله في السهو.