التفاسير

< >
عرض

وَٱلْعَصْرِ
١
إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ
٢
إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ
٣
-العصر

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا قسم من الله تعالى بالعصر. قال ابن عباس: المراد بالعصر - ها هنا - الدهر. وهو قول الكلبي. وقال الحسن وقتادة: هو العشي، وكلاهما فيه العبرة من جهة مرور الليل والنهار. وأصل العصر عصر الثواب ونحوه، وهو فتله لاخراج مائه، فمنه عصر الدهر، لانه الوقت الذي يمكن فتل الامور كفتل الثوب. قال العجاج:

عصراً وحضناً عيشة المعذلجا

أي الناعم، وقال في العشي:

يروح بنا عمر وقد قصر العصر وفي الروحة الاولى الغنيمة والاجر

وبه سميت العصر، لانها تعصر بالتأخير، والعصارة ما يعتصر من العنب وغيره، و "المعصرات" السحائب التي تنعصر بالمطر. والاعصار غبار كالعمود يصعد إلى السماء. والعصر الالتجاء إلى الملجأ. والعصر الجارية التي قد دنا بلوغها لأنه عصر شبابها، وانعصار ماء الشباب منها. والاعتصار استخراج المال من الانسان، لانه ينحلب كما ينحلب ما يعصر. والعصران الغداة والعشي، والعصران الليل والنهار. قال الشاعر:

ولن يلبث العصران يوم وليلة إذا طلبا ان يدركا ما تيمما

وقوله { إن الإنسان لفي خسر } جواب القسم. وفيه اخبار من الله أن الانسان يعنى الكافر { لفي خسر } أي لفي نقصان بارتكاب المعاصي وكفره بالله والخسر هلاك رأس المال للانسان وبارتكاب المعاصي في هلاك نفسه خسران، وهو اكبر من رأس ماله.
وقوله { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } استثناء من جملة الناس المؤمنين المصدقين بتوحيد الله باخلاص عبادته العاملين بالطاعات { وتواصوا بالحق } أي تواصي بعضهم بعضاً بأتباع الحق وإجتناب الباطل { وتواصوا بالصبر } تواصي بعضهم بعضاً بالصبر على تحمل المشاق في طاعة الله. وقال الحسن وقتادة: الصبر على طاعة الله. والصبر حبس النفس عما تنازع اليه من الأمر حتى يكون الداعي إلى الفعل. وقد أمر الله تعالى بالصبر والتواضع. والحق ما دعا اليه العقل.