التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
١٩
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

وصف الله تعالى الظالمين الذين جعل لعنة الله عليهم بأنهم يصدون عن سبيل الله بمعنى أنهم يغرّون الخلق ويصرفونهم عن المصير اليه واتباعه، بغير الحق، ويجوز أن يكون صدّه عن الفساد بدعائه إلى تركه، والصد عن الحق سبب الامتناع منه إذا صادف منه ما يهواه، فيفعله من أجل ذلك الداعي، وانما جاز تمكين الصاد من الفساد لأنه مكلف للامتناع. وليس في منعه لطف بأن ينصرف عن الفساد إلى الصلاح، فهو كشهوة القبيح الذي به يصح التكليف. قال ابو علي: ولو لم يكن إغواء الشيطان إضلالا لعمل من قبل نفسه ذلك أو شرّاً منه. وقوله { يبغونها عوجاً } معناه إنهم يطلبون لسبيل الله عدولا عنه. والعوج العدول عن طريق الصواب، وهو في الدين عوج بالكسر، وفي العود عوج بالفتح، فرّقوا بين ما يرى وبين ما لا يرى فجعلوا السهل للسهل والصعب للصعب بالفتح والكسر. والبغية طلبة أمر من الأمور تقول: بغاه يبغيه بغية مثل طلبه يطلبه طلبة. وقوله { وهم بالآخرة هم كافرون } إخبار منه تعالى أن هؤلاء الذين يصدون عن سبيل الله كافرون بالآخرة وبالبعث والنشور والثواب والعقاب أي جاحدون غير مقرين. وقوله { وهم بالآخرة هم كافرون } كرر (هم) مرتين كما قال { { أيعدكم أنكم اذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون } كرر (أنكم) مرتين، ووجه ذلك أنه لما طال الكلام وفارق فعله كرره مرة أخرى.