التفاسير

< >
عرض

أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ
٢٠
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

أخبر الله تعالى عن هؤلاء الكفار الذين وصفهم بأن عليهم لعنة الله وأنهم الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً بأنهم غير { معجزين في الأرض } أي لم يكونوا فائتين فيها هرباً من الله تعالى إذا اراد إهلاكهم كما يهرب الهارب من عدو، وقد جد في طلبه. والاعجاز الامتناع من المراد بما لا يمكن معه إيقاعه، وانهم لم يكن لهم ولي يستطيع الدفاع عنهم من دون الله. والولي الخصيص بأن يلي بالمعاونة لدفع الاذية، ومنه قولهم: تولاك بحفظه، فلا ولي لهؤلاء يعاونهم ويدفع العقوبة عنهم، لأن الله تعالى قد أيأسهم من ذلك. وقوله { يضاعف لهم العذاب } قيل في معناه قولان: احدهما - بحسب تضاعف الاجرام. والآخر - كلما مر ضعف جاء ضعف، وكله على قدر الاستحقاق. وقوله { ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون } معناه انه كان يثقل عليهم سماع الحق ورؤيته، كما يقال: فلان لا يستطيع النظر إلى فلان، وحقيقة الاستطاعة القوة التي تنطاع بها الجارحة للفعل، ولذلك لا يقال في الله انه يستطيع. وليس المراد بنفي الاستطاعة في الاية نفي القدرة بل ما ذكرناه، لأنه لو لم يكن فيهم قدرة لما حسن تكليفهم. وقد ذكر الفراء فيه وجهاً مليحاً، فقال: المعنى يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع ولا يعقلون، وحذف الباء كما قال { { أليم بما كانوا يكذبون } اي بتكذيبهم وسقوط الباء جائز، كما قال { أحسن ما كانوا يعملون } ويقول القائل: لأجزينك ما عملت، وبما عملت. واختار ذلك البلخي. والسمع إدراك الصوت بما به يكون مسموعاً. والابصار إدراك الشيء بما به يكون مبصراً.