التفاسير

< >
عرض

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٥٦
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذه الآية فيها حكاية ما قال هود لقومه بعد ذكر ما قدم من القول فيه اني توكلت على الله. والتوكل تفويض الامر الى الله تعالى على طاعته فيما امر به، لان ذلك من تسليم التدبير له، لان افعاله كلها جارية على ما هو اصلح للخلق.
وقوله { ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها } معناه ليس من حيوان يدب الا وهو تعالى آخذ بناصيته اي قادر على التصرف فيه، وتصريفه كيف شاء. و (الناصية) قصاص الشعر ومنه قوله
{ فيؤخذ بالنواصي والأقدام } وفي جر الرجل بناصيته اذلال له. واصل الناصية الاتصال من قولهم: (مفازة بناصي مفازة) اذا كانت الاخيرة متصلة بالاولى قال الشاعر:

فيء تناصيها بلا دفيء

وقال ذو الرمه:

ينصو الجماهين

ونصوته انصوه نصواً اذا اتصلت به. وقال ابو النجم:

ان يمس رأسي اشمط العناصي كأنما فرقه مناصي

اي يجاذب ليتصل به في مره، وانما قال اخذ بناصيتها مع انه مالك لجميعها لما في ذلك من تصوير حالها على عادة معروفة من امرها في اذلالها، فكل دابة في هذه المنزلة في الذلة لله تعالى. وقوله { إن ربي على صراط مستقيم } معناه أن أمر ربي في تدبير خلقه على صراط مستقيم لا عوج فيه ولا اضطراب، فهو يجري على سبيل الصواب لا يعدل الى اليمين والشمال والفساد. والفائدة هنا ان ربي وإن كان قادراً على التصريف في كل شيء فانه لا يفعل إلا العدل ولا يشاء الا الخير.