التفاسير

< >
عرض

وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ
٧٨
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

اخبر الله تعالى عن قوم لوط أنهم حين أحسوا بمن نزل بلوط، وظنوهم أضيافه جاءوا لوطاً { يهرعون } أي يسرعون، والاسراع: الاهراع في الشيء - في قول مجاهد، وقتادة، والسدي - وانما أهرعوا لطلب الفاحشة، لما اعلمتهم عجوز السوء: امرأة لوط بمكان الاضياف، فقالت ما رأيت احسن وجوهاً، ولا اطيب ريحاً، ولا انطق لساناً وثنايا منهم. وقال الشاعر:

بمعجلات نحوه مهارع

وقال مهلهل:

فجاؤا يهرعون وهم أسارى نقودهم على رغم الأنوف

وقوله { ومن قبل كانوا يعملون السيّئات } وهي اتيان الذكور في الادبار، ومعناه انهم كانوا قبل هذا المجيء يعملون ذلك. وقيل من قبل ألفوا الفاحشة، فجاهروا بها، ولم يستحيوا منها.
وقوله { قال يا قوم } يعني لوطاً لما رآهم هموا باضيافه عرض عليهم النكاح المباح، وأشار الى نساء فقال { هؤلاء بناتي هن أطهر لكم } قال قتادة. كنّ بناته لصلبه. وقال مجاهد كنّ بنات امّته فكنّ كالبنات له، فان كل نبيّ ابو أمَّته وأزواجه امهاتهم وهو أب لهم.
وقوله { فاتقوا الله } امر من لوط لهم بتقوى معاصي الله وأن لا يفضحوه في أضيافه. وقوله { أليس منكم رجل رشيد } خرج مخرج الانكار عليهم وان كان لفظه لفظ الاستفهام. والرشيد هو الذي يعمل بما يقتضيه عقله، لانه يدعو الى الحق، ومنه الارشاد في الطرق، فقال: أما منكم من يدعو الى الحق ويعمل به. ونقيض الرشد الغي.
ولا يجوز نصب { أطهر } في - قول سيبويه واكثر النحويين - لأن الفصل إنما يدخله مع الخبر ليؤذن بأنه معتمد الفائدة دون ما هو زائد في الفائدة، او على معنى الصفة، فلهذا لم يخبر في الحال. وأجمعوا على انه لا يجوز (قدم زيد هو ابنك) الا بالرفع. ومن اجازه فانما يجيزه مع المبهم من (هذا) ونحوه تشبيهاً بخبر (كان). وقرأ الحسن وعيسى بن عمرو بالنصب.
وقيل في وجه عرض المسلمة على الكفار قولان:
قال الحسن: ان ذلك كان جائزاً في شرع لوط، وفي صدر الاسلام أيضاً، ولذلك زوج النبي صلى الله عليه وسلم بنته بابي العاص قبل أن يسلم. ثم نسخ بقوله
{ ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } }. والثاني - قال الزجاج إن ذلك عرض بشرط ان يؤمنوا، على ما هو شرط النكاح الصحيح.
والضيف يقع على الواحد والاثنين والجماعة.