التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ
٨١
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة والحجة:
قرأ أهل الحجاز { فاسر } بوصل الهمزة من سريت. الباقون بقطعها. وقرأ ابن كثير وابو عمرو { إلا امرأتك } بالرفع. الباقو بالنصب.
فحجة من قرأ بقطع الهمزة قوله تعالى
{ سبحان الذي أسرى بعبده } ومن وصل الهمزة فالمعنى واحد.
اللغة والمعنى:
يقال اسرى يسرى وسرى يسرى، فهو سار لغتان بمعنى واحد. والاسراء: سير الليل قال امرؤ القيس:

سريت بهم حتى تكلّ مطيهم وحتى الجياد ما يقدن بارسان

وقال النابغة:

اسرت عليه من الجوزاء سارية تزجي الشمال عليه جامد البرد

اخبر الله تعالى عما قالت الملائكة رسله للوط حين رأته كئيباً بسببهم { إنا رسل ربك } بعثنا الله لاهلاك قومك، فلا تغتم، فانهم لا ينالونك بسوء { فأسر بأهلك } اي امض ومعك اهلك بالليل.
وقوله { بقطع من الليل } والقطع القطعة العظيمية تمضي من الليل. وقال ابن عباس: طائفة من الليل. وقيل هو نصف الليل كأنه قطع نصفين، ذكره الجبائي وقيل معناه في ظلمة الليل.
وقوله { ولا يلتفت منكم أحد } قيل في معناه قولان:
احدهما - قال مجاهد لا ينظر احد وراءه، كأنهم تعبدوا بذلك للنجاة بالطاعة في هذه العبادة.
والآخر - قال أبو علي لا يلتفت منكم احد الى ماله ولا متاعه بالمدينة، وليس المعنى لا يلتفت من الرؤية، كأنه أراد ان في الرؤية عبرة، فلم ينهوا عنها وانما نهوا عما يفترهم عن الجد في الخروج من المدينة.
ومن رفع { امرأتك } جعله بدلاً من قوله { ولا يلتفت منكم أحد } ومن نصبه جعله استثناء من قوله { فأسر بأهلك } كأنه قال فأسر بأهلك إلا امرأتك، وزعموا ان في مصحف عبد الله وأبي { فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك }، وليس فيه { ولا يلتفت منكم أحد } وجاز النصب على ضعفه. والرفع الوجه. وقيل ان لوطاً لما عرف الملائكة اذن لقومه في الدخول الى منزله، فلما دخلوه طمس جبرائيل (ع) اعينهم فعميت - هكذا ذكره قتادة - وعلى أيديهم، فجفت حكاه الجبائي.
وقوله { إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب } معناه إن موعد اهلاكهم عند الصبح. وإنما قال { أليس الصبح بقريب }, لأنه لما اقتضى عظيم ما قصدوا له - من الفحش - إهلاكهم، فقالت الملائكة هذا القول تسلية له.
وقيل انه قال لهم اهلكوهم الساعة، فقالت الملائكة له ان وقت اهلاكهم الصبح { أليس الصبح بقريب }.