التفاسير

< >
عرض

وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ
٩٣
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

فقال لهم شعيب ايضاً { يا قوم اعملوا على مكانتكم } والمكانة الحال التي يتمكن بها صاحبها من عمل ما، فقال لهم قد مكنتم في الدنيا من العمل، كما مكن غيركم ممن عمل بطاعة الله، وسترون منزلتكم من منزلته. وهذا الخطاب وإن كان ظاهره ظاهر الأمر فالمراد به التهديد، وتقديره كأنكم انما أمرتم بأن تكونوا على هذه الحال من الكفر والعصيان. وفي هذا نهاية الخزي والهوان.
وقوله { سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه } معناه انكم تعلمون في المستقبل من يحل به العذاب الذي يخزيه اي يفضحه ويذله، وهو أشد من العذاب الذي لا يفضح { ومن هو كاذب } وتعرفون من هو الكاذب مني ومنكم.
وقوله { وارتقبوا } معناه انتظروا ما وعدتكم به من العذاب، يقال رقبه يرقبه رقوباً وارتقبه ارتقاباً وترقبه ترقباً { إني معكم رقيب } اي منتظر لنزول ذلك بكم. وموضع { من يأتيه } ان جعلت (من) بمعنى الذي نصب، وقوله { ومن هو كاذب } عطف عليه، وان جعلتها للاستفهام كان موضعها الرفع، ذكره الفراء وادخلوا (هو) في قوله { ومن هو } لانهم لا يقولون: من قائم؟ ولا من قاعد؟، وانما يقولون: من قام؟ ومن يقوم؟ أو من القائم؟ فلما لم يقولوا إلا المعرفة او يفعل، ادخلوا (هو) مع قائم، ليكونا جميعاً في مقام (فعل، ويفعل) لانهما يقومان مقام اثنين، وقد ورد في الشعر من قائم؟ قال الشاعر:

من شارب مربح بالكأس نادمني لا بالحصور ولا فيها بسئوار

قال الفراء: وربما خفضوا بعدها، فيقولون: من رجل يتصدق عليّ؟ بتأويل هل من رجل؟