التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا ٱذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ ٱلشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ
٤٢
-يوسف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

وهذا حكاية عما قال يوسف (ع) للذي ظن انه ينجو منهما، وقال ابو علي: الظن ها هنا بمعنى العلم لقوله { ظننت أني ملاق حسابيه } وقال قتادة: الرؤيا على الظن، وقال غيره: إلا رؤيا الانبياء، فانها يقين. والظن هو ما قوي عند الظان كون المظنون على ما ظنه مع تجويزه ان يكون على خلافه. والنجاة هي السلامة. وقوله { اذكرني عند ربك } يعني عند سيدك كما قال الشاعر:

وإن يك رب أذواد فحسبي أصابوا من لقائك ما أصابوا

وانما سأله ان يذكره عند سيده بخير ويعرفه علمه وما خصه الله تعالى من الفضل والعلم ليكون ذلك سبب خلاصه. والذكر حضور المعنى للنفس، وعلى حال الذكر يتعاقب العلم واضداده من الجهل والشك. والنسيان ذهاب المعنى عن النفس وعزوبه عنها. والهاء في قوله { فأنساه } تعود الى يوسف في قول ابن عباس - والتقدير فانسى يوسف الشيطان ذكر الله، فلذلك سأل غيره حتى قال مجاعة إن ذلك كان سبب للبثه في السجن مدة من الزمان. وقال ابن اسحاق والحسن والجبائي يعود على الساقي، وتقديره فأنسى الساقي الشيطان ذكر يوسف.
وقوله { فلبث في السجن بضع سنين } فاللبث في المكان هو الكون فيه على طول من الزمان، واللبث والثبوت والسكون نظائر. والبضع قطعة من الدهر. وقيل البضع من الثلث الى العشر - في قول ابن عباس - وقال قتادة ومجاهد الى التسع وقال وهب: الى سبع سنين. والسنة إثنا عشر شهراً ويجمع سنين وسنوات.