التفاسير

< >
عرض

قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ
٥١
-يوسف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

اخبر الله تعالى انه حين رجع الرسول الى الملك برسالة يوسف جمع النساء وقال لهنّ ما خطبكن اذ راودتنّ يوسف عن نفسه، والخطب الأمر الذي يخاطب به صاحبه، مما يستعظم شأنه، يقال هذا خطب جليل، وما خطبك، وما شأنك؟.
وقوله { قلن حاش لله } حكاية عما اجابته به النسوة، فانهن قلن للملك على وجه التنزيه { حاش لله } اي عياذ بالله، وتنزيهاً من هذا الأمر، كقوله { معاذ الله }. وقد يستثني به، فيقال أتاني القوم حاشى زيد، بمعنى إلا زيداً { ما علمنا عليه من سوء } اي لم نعلم عليه امراً قبيحاً. قالت امرة العزيز عند ذلك معترفة بخطئها { الآن حصحص الحق } أي بان الحق يقال حصحص الأمر وحصحص الحق اي حصل على امكن وجوهه، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة، واصله حصّ من قولهم حص شعره اذا استأصل قطعة منه، والحصة اي القطعة من الشيء، فمعنى { حصحص الحق } انقطع عن الباطل بظهوره. ومثله كبوا وكبكبوا، وكف الدمع وكفكفه، ورده وردده، فهو زيادة تضعيف دل عليها الاشتقاق ذكره الزجاج. واصله من حصحص البعير ثفناتة في الارض إذا برك حتى يستبين آثارها فيها. قال حميد بن ثور الهذلي:

وحصحص في صمّ القنا ثفناتة ورام القيام ساعة ثم صمما

ويقال انحص الوبر عن جنب البعير وانحت اذا انحسر ومعنى { أنا راودته } انا طالبته بذلك، { وإنه لمن الصادقين } في امتناعه من ذلك.