التفاسير

< >
عرض

وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ
٢٢
-الرعد

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذه الآية ايضاً من تمام وصف الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون ميثاقه ويصلون ما امر الله بوصله، ويصبرون على ترك معاصي الله، والقيام بما أوجبه عليهم، والصبر على بلاء الله وشدائده من الامراض والفقر وغير ذلك. والصبر حبس النفس عما تنازع اليه مما لا يجوز من الفعل وهو تجرع مرارة تمنع النفس مما تحب من الامر.
ومعنى قوله { ابتغاء وجه ربهم } اي يفعلون ذلك طلب عظمة ربهم. والعرب تقول ذلك في تعظيم الشيء يقولون: هذا وجه الرأي، وهذا نفس الرأي المعظم، فكذلك سبيل وجه ربهم اي نفسه المعظم بما لا شيء اعظم منه، ولا شيء يساويه في العظم. والمعنى ابتغاء ثواب ربهم.
وقوله { وأقاموا الصلاة } يعني اقاموها بحدودها. وقيل: معناه داوموا على فعلها و { أنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية } اي ظاهراً وباطناً، ما يجب عليهم من الزكاة، وما ندبوا اليه من الصدقات. والسر إخفاء المعنى في النفس، ومنه السرور، لانه لذة تحصل في النفس، ومنه السرير، لانه مجلس سرور.
وقوله { ويدرءون بالحسنة السيئة } معناه يدفعون بفعل الطاعة المعاصي، يقال: درأته ادرؤه درءاً إذا دفعة. وقال ابن زيد: الصبر على وجهين:
احدهما - الصبر لله على ما احب. والآخر - الصبر على ما كره، كما قال { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } وقيل يدرؤن سفه الجهال بما فيهم من الحلوم. وقيل: انهم يدفعون ظلم الغير عن نفوسهم بالرفق والمواعظ الحسنة. ثم قال تعالى مخبرأ ان هؤلاء الذين وصفهم بهذه الصفات { لهم عقبى الدار } اي عاقبة الدار، وهي الجنة التي وعد الله الصابرين بها.