التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٣
-الرعد

التبيان الجامع لعلوم القرآن

ذكر الله تعالى في الآية الاولى بالسماء والشمس والقمر، لان اكثر ما في العالم متعلق بذلك وجار مجراه كالنبات والحرث والنسل، ثم ذكر في هذه الآية الارض وتدبيره لها على ما فيه من المصلحة لينبه بذلك من ذهب عن الاستدلال به على حكمته تعالى، وتوحيده، فقال { وهو الذي مد الأرض } يعنى بسطها طولاً وعرضاً { وجعل فيها رواسي } يعني جبالاً راسيات ثابتات، يقال: رسي هذا الوتد وأرسيته. وواحد (الرواسي) راسية { وأنهاراً } اي وخلق فيها أنهاراً يجري المياه فيها { ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين } ثم ابتدأ فقال: وجعل فيها من جميع الثمرات زوجين أي ضربين. قال الحسن يعني لونين من كل ما خلق من البنات. والزوج يكون واحداً ويكون اثنين، وها هنا واحد.
وقريش تقول: للانثى زوج وللذكر زوج. قال الله تعالى
{ أسكن أنت وزوجك الجنة } لادم.
ومعنى { يغشي الليل النهار } اي يجلل الليل النهار والنهار بالليل. والمعنى انه يذهب كل واحد منهما بصاحبه ومثله
{ يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل } والمعنى ان أحدهما يُذهب الآخر. ثم أخبر تعالى ان فيما ذكره من الدلالات لآيات واضحات لمن فكر، واعتبر بها، لان من لم يفكر فيها ولم يعتبر، كأنه لا آية له.
وقوله { زوجين اثنين } انما اكد بـ { اثنين } وان كان قوله { زوجين } افاد العدد لامرين:
احدهما - على وجه التأكيد وهو مستعمل كثيراً.
الثاني - ان الزوجين قد يقع على الذكر والانثى. وعلى غيرهما، فاراد ان يبين ان المراد به ها هنا لونين أو ضربين دون الذكورة والانوثة، وذلك فائدة لا يفيدها قوله { زوجين } فلا تكرار فيه بحال. وهو قول الحسن والجبائي وغيرهما.