التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ
٤٣
-الرعد

التبيان الجامع لعلوم القرآن

حكى الله تعالى عن الكفار انهم يقولون لك يا محمد انك لست مرسلاً عن جهته تعالى، فقل لهم انت حسبي الله { شهيداً بيني وبينكم، ومن عنده علم الكتاب }. وقيل في معناه ثلاثة اقوال:
احدها - روي عن ابن عباس انه قال: هم اهل الكتاب الذين آمنوا من اليهود والنصارى.
وقال قتادة ومجاهد: منهم عبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وتميم الداري.
وقال الحسن: الذي عنده علم الكتاب هو الله تعالى، وبه قال الزجاج.
وقال ابو جعفر وابو عبد الله (ع): هم ائمة آل محمد صلى الله عليه وسلم، لأنهم الذين عندهم علم الكتاب بجملته لا يشذ عنهم شيء من ذلك دون من ذكروه.
والكفاية وجود الشيء على قدر الحاجة، فكأنه قيل: قد وجد من الشهادة مقدار ما بنا اليه الحاجة في فصل ما بيننا وبين هؤلاء الكفار. والباء في قوله { بالله } زائدة والتقدير كفى الله. وقال الرماني: دخلت لتحقيق الاضافة من وجهين: جهة الفاعل، وجهة حرف الاضافة، لان الفعل لما جاز ان يضاف الى غير فاعله، بمعنى انه أمر به ازيل هذا الاحتمال بهذا التأكيد، ومثله قوله
{ لما خلقت بيدي } }. والشهادة البينة على صحة المعنى من طرق المشاهدة. والشهيد والشاهد واحد، إِلا ان في شهيد مبالغة. ووجه الاحتجاج بـ { كفى بالله شهيداً } لأن المعنى كفى الله شهيداً بما اظهر من الآية، وأبان من الدلالة، لانه تعالى لا يشهد بصحة النبوة إِلا على هذه الصفة إِذ قد لزمهم ان يعترفوا لها بالصحة.
وروي عن ابن عباس ومجاهد انهما قرءا { ومن عنده علم } بكسر الميم، وعلم الكتاب على ما لم يسم فاعله، وبه قرأ سعيد بن جبير، ولما قيل له: هو عبد الله بن سلامه، قال: كيف يجوز ذلك والسورة مكية وهو اسلم بعد الهجرة بمدة.