التفاسير

< >
عرض

قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١١
وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ
١٢
-إبراهيم

التبيان الجامع لعلوم القرآن

حكى الله تعالى في هذه الآية ما أجابت به الرسل الكفار، فإنهم قالوا لهم ما { نحن إِلا بشر مثلكم } ولسنا ملائكة، كما زعمتم { ولكن الله } من علينا فاصطفانا وبعثنا أنبياء وهو { يمن على من يشاء من عباده } ولم يكن لنا ان نجيئكم { بسلطان } اي بحجة على صحة دعوانا إِلا بأمر الله واطلاقه لنا في ذلك { وعلى الله } يجب ان يتوكل { المتوكلون } المؤمنون المصدقون به وبأنبيائه.
ثم اخبر انهم قالوا ايضاً { وما لنا أن لا نتوكل على الله } اي ولم لا نتوكل على الله { وقد هدانا } الى سبل الايمان ودلنا على معرفته ووفقنا لتوجيه العبادة اليه، ولا نشرك به شيئاً، وضمن لنا على ذلك جزيل الثواب، { ولنصبرن على ما أذيتمونا } من تكذيبنا وشتمنا في جنب طاعته وابتغاء مرضاته وطلب ثوابه { وعلى الله } يجب ان يتوكل المتوكلون الواثقون بالله دون من كان كافراً، فان وليه الشيطان.
و { المنّ } اصله القطع يقال: حبل منين اي منقطع عن بلوغ المنية، والمنيّة لانها تقطع عن امر الدنيا.
{ ولهم أجر غير ممنون } اي غير مقطوع، والاذى ضرر يجده صاحبه في حاله يقال: آذاه يؤذيه أذى وتأذى به تأذياً، واكثر ما يقال في الضرر القليل، ويقال ايضاً آذاه أذى عظيماً، والمثل ما سد مسد صاحبه فيما يرجع الى ذاته. والهدى الدلالة على طريق الحق من الباطل، والرشد من الغي، هداه يهديه الى الدين هدى. والسلطان الحجة التي يتسلط بها على الطالب مذهب المخالف للحق. وقيل في قوله { وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله } قولان:
احدهما - قال ابو علي الجبائي: انهم سألوا آية مخصوصة غير ما اتتهم به الرسل، كما سأله قريش، فقالوا
{ لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً... } } والثاني - ان ما اتيناكم به بإِذن الله، لأنه مما لا يقدر عليه البشر، ونحن بشر.