التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ
٣٩
رَبِّ ٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ٱلصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ
٤٠
رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ
٤١
-إبراهيم

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا حكاية من الله تعالى باعتراف ابراهيم (ع) بنعم الله تعالى، وحمده إِياه على إِحسانه بما وهب له على كبر سنه ولدين: اسماعيل واسحق. وانه اخبر بأن ربه الذي خلقه يجيب الدعاء لمن يدعوه وذلك يدل على انه كان تقدم منه مسألة لله تعالى أن يهب له ولداً، فلذلك كان مجيباً له. والحمد هو الوصف الجميل على وجه التعظيم لصاحبه والاجلال له وفرق الرماني بين الحمد والمدح بان المدح: هو الوصف للشيء بالخير من جهته على وجه التعظيم له، فعله او لم يفعله، ولكن كان سبباً يؤدي اليه، وليس كذلك الحمد. والذم: نقيض لهما، لانه الوصف بالقبيح على جهة التحقير. والهبة عطية التمليك من غير عقد مثامنة يقال: وهب له كذا يهبه هبة، فهو واهب. والدعاء طلب الفعل بدلالة القول وما دعا الله (عز وجل) اليه فقد أمر به ورغب فيه، وما دعا العبد به ربّه فالعبد راغب فيه، ولذلك لا يجوز ان يدعو الانسان بلعنه ولا عقابه، ويحوز ان يدعو على غيره به. والتقبل أخذ العمل على طريقة ايجاب الحق به مقابلة عليه.
وقال سعيد بن جبير: بشر ابراهيم بالولد بعد مئة وسبعة عشرة سنة.
وقوله { رب اجعلني مقيم الصلاة } سؤال من ابراهيم (ع) لله تعالى ان يجعله ممن يقيم شرائط الصلاة ويدوم عليها بلطف يفعله به يختار ذلك عنده، وسأله ان يفعل مثل ذلك بذريته، وأن يجعل منهم جماعة يقيمون الصلاة، وهم الذين اعلمه الله ان يقوموا بها دون الكفار الذين لا يقيمون الصلاة { ربنا وتقبل دعاء } رغبة منه اليه تعالى ان يجيب دعاءه فيما سأله.
وقوله { ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } نداء من ابراهيم لله تعالى ان يغفر له ولوالديه ولجميع المؤمنين، وهو ان يستر عليهم ما وقع منهم من المعاصي عند من أجاز الصغائر عليهم، ومن لم يجز ذلك حمل ذلك على أنه انقطاع منه اليه تعالى فيما يتعلق به، وسؤال على الحقيقة في غيره. وقد بينا ان أبوي ابراهيم لم يكونا كافرين وفي الآية دلالة على ذلك، لانه سأل المغفرة لهما يوم القيامة، فلو كانا كافرين لما قال ذلك، لأنه قال تعالى
{ فلما تبين له أنه عدوّ لله تبرأ منه } فدل ذلك على ان أباه الذي كان كافراً جده لأمه او عمه على الخلاف. قال البلخي: ان أمه كانت مؤمنة، لانه سأل ان يغفر لأبيه وحكى أنه { كان من الضالين } وقال { إِلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك } ولم يقل لأبويه { ويوم يقوم الحساب } أي يقوم فيه الحساب. والعامل في يوم قوله { اغفر }.