التفاسير

< >
عرض

قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ
٣٢
قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ
٣٣
-الحجر

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا خطاب من الله تعالى لإبليس يقول له: لم لا تكون مع الساجدين، تسجد كما سجدوا. واختلفوا في كيفية هذا الخطاب، فقال الجبائي: قال الله له ذلك على لسان بعض رسله وهو الأليق، لأنه لا يصح ان يكلمه الله بلا واسطة في زمان التكليف. وقال آخرون: كلمه، بالانكار عليه والاهانة له، كما قال { اخسئوا فيها ولا تكلمون } }. هذا ينبغي ان يكون حكاية عما يقوله له في الآخرة، فقال إِبليس مجيباً لهذا الكلام: ما كنت بالذي اسجد لبشر { خلقته من صلصال من حمإٍ مسنون } وقد فسرناه. ولم يعلم وجه الحكمة في ذلك، لأن في ذلك قلباً للشيء عن الحالة الحقيرة في الضعة الى هذه الحالة الجليلة، وأي ذلك كان، فانه لا يقدر عليه غير الله، وانه لا ينتفع للعظم في الصفة مع إِمكان قلبه الى النقص في الصفة، وكذلك لا يضر النقص في الصفة، مع إِمكان قلبه الى الاعظم، فلو نظر في ذلك لزالت شبهته في خلقه من نار وخلق آدم من طين، قال المبرّد: قوله { ما لك ألا تكون } (لا) زائدة مؤكدة، والتقدير ما منعك ان تسجد، فـ (أن) في قول الخليل وأصحابه في موضع نصب، لأنه إِذا حذف حرف الجر ونصب ما بعده، وقال غيره: في موضع خفض، لأن المعنى ما منعك من ان تكون، فحذف (من)