التفاسير

< >
عرض

فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ
٧٩
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ ٱلحِجْرِ ٱلْمُرْسَلِينَ
٨٠
وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ
٨١
وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ
٨٢
فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ
٨٣
فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٨٤
-الحجر

التبيان الجامع لعلوم القرآن

لما اخبر الله تعالى عن اصحاب الايكة أنهم كذبوا رسل الله، اخبر بأنه انتقم منهم بأن اهلكهم ودمر عليهم. وفرق الرماني بين الانتقام والعقاب، فقال: الانتقام نقيض الانعام، والعقاب نقيض الثواب، فالعقاب مضمن بأنه على المعصية، والانتقام مطلق، وهو - ها هنا - على المعاصي، لان الاطلاق يصلح فيه التقييد: بحذف الاضافة.
وقوله { وإِنهما } يعني قريتي قوم لوط، واصحاب الايكة، لبطريق يؤم ويتبع ويهتدى به - في قول ابن عباس ومجاهد والضحاك والحسن - وقال أبو علي الجبائي { لبإِمام } وهو الكتاب السابق الذي هو اللوح المحفوظ، ثابت ذلك فيه ظاهر. والامام - في اللغة - هو المقدم الذي يتبعه من بعده وإِنما كانا بإِمام مبين، لانهما على معنى يجب ان يتبع، فيما يقتضيه ويدل عليه، والمبين الظاهر.
وقوله { ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين } اخبار منه تعالى ان اصحاب الحجر، وهي مدينة - في قول ابن شهاب، وسموا أصحاب الحجر، لانهم كا نوا سكانه، كما تقول: اصحاب الصحراء. { كذبوا } ايضاً الرسل الذين بعثهم الله اليهم، وجحدوا نبوتهم: وقال قتادة: هم اصحاب الوادي، وهو من الحجر الذي هو الحظر.
واخبر تعالى انه اتاهم الله الدلالات والمعجزات الدالة على توحيده وصدق انبيائه، فكانوا يعرضون عنها ولا يستدلون بها، وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً ينقرون نقراً يأمنون فيها من الخراب. وقيل آمنين من سقوطها عليهم. وقيل كانوا آمنين من عذاب الله. وقيل: من الموت. ونصبه على الحال.
فأخبر تعالى ان هؤلاء { فأخذتهم الصيحة مصبحين } اي جاءتهم الصيحة وقت دخولهم في الصباح، ولم يغنهم { ما كانوا يكسبون } من الملاذ القبيحة. والغنى وجود ما ينتفي به الضرر عنهم.