التفاسير

< >
عرض

وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ
١٩
وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ
٢٠
أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
٢١
-النحل

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ يعقوب وحفص ويحيى والعليمي { والذين يدعون } بالياء. الباقون بالتاء، قال أبو علي: هذا كله على الخطاب، لان ما بعده خطاب كقوله بعد { أفلا تذكرون } وقوله { وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم }، { وإِلهكم إِله واحد } فكل هذا خطاب.
فان قلت: ان فيه { والذين يدعون من دون الله } فانه لا يكون خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم ولا للمسلمين، قيل: التقدير في ذلك قل لهم: والذين تدعون من دون الله، فلا يمتنع الخطاب على هذا الوجه، ولهذا قرأ عاصم بالياء لما كان عنده ذلك اخباراً عن المشركين، ولم يجز ان يكون في الظاهر خطاباً للمسلمين.
يقول الله لعباده ان الله الذي يستحق العبادة هو الذي يعلم ما يظهرونه وما يستسرون به ويخفونه، وان الذين يدعون من دون الله من الاصنام لا يخلقون شيئاً، فضلاً عن ان يخلقوا ما يستحق به العبادة، وهم مع ذلك مخلوقون مربوبون، وهم مع ذلك أموات غير احياء، وانما قال أموات غير احياء، لانها في حكم الأموات في انها لا تعقل شيئاً. وقيل غير أحياء على وجه التأكيد بما صارت به، كالأموات، لانه قد يقال للحيّ هو كالميت إِذا كان بعيداً من ان يعلم. و { أموات } رفع بأنه خبر ابتداء، والتقدير هن أموات غير احياء، ويجوز ان يكون خبراً عن (الذين) والتقدير والذين يدعون أموات.
وقوله { وما يشعرون أيان يبعثون } اي هم لا يعلمون اي وقت يحشرهم الله للجزاء والحساب، بل ذلك لا يعلمه الا الله تعالى، ومعنى (أيان) متى و (متى) اوضح، لأنه اغلب في الاستعمال فلذلك فسر به (أيان) وهو سؤال عن الزمان كما ان (اين) سؤال عن المكان. وقال الفراء: معناه هي أموات فكيف يشعرون متى تبعث يعني الاصنام. قال ويقال للكفار أيضاً وما يشعرون أيان يبعثون، و (إِيان) بكسر الهمزة لغة سليم قرأها أبو عبد الرحمن السلمي.