التفاسير

< >
عرض

خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٣
خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ
٤
-النحل

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ حمزة والكسائي { تشركون } بالتاء في الموضعين لقوله { فلا تستعجلوه } فردّ الخطاب الى الاول. ومن قرأ بالياء فلما تقدم ذكره. احتج الله تعالى بالآية وما قبلها وما بعدها على خلقه وأعلمهم عظيم نعمه، ودلهم على قدرته، إِذ { خلق السماوات والأرض } بما فيهما من العجائب والمنافع، و { خلق الإنسان من نطفة } مهينة ضعيفة سيالة فرباها ودبرها حتى صار إِنساناً يخاصم ويبين. ولو وضعنا النطفة بين أيدي الخلائق فاجتهدوا، وفكروا ما قدروا على قلبها، ولا عرفوا كيف يتمكن ويتأتَّى أن تقلب حالاً بعد حال حتى تصير فيها روح، وعقل، وسمع، وبصر، وحتى تنطق وتعرب عن نفسها، وتحتج فتدفع عنها. وقيل في معنى { خصيم مبين } قولان:
أحدهما - انه أخرج من النطفة ما هذه صفته، ففي ذلك أعظم العبرة.
والثاني - لما خلقه ومكنه خاصم عن نفسه خصومة أبان فيها عن نفسه. وقيل انه يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها - تعريف قدرة الله في اخراجه من النطفة ما هذه سبيله.
الثاني - تعريف نعم الله في تبليغ هذه المنزلة من خلق من نطفة.
الثالث - تعريف فاحش ما ارتكب الانسان من تضييع حق الله بالخصومة.