التفاسير

< >
عرض

قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً
١٠٧
وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً
١٠٨
وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً
١٠٩
-الإسراء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

ثلاث آيات في الكوفي خاصة، تمام الأولى سجداً، وآيتان فيما سوى ذلك.
يقول الله تعالى لنبيه { قل } لهؤلاء الذين اقترحوا عليك الآيات؛ وقالوا
{ لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً } على وجه التبكيت لهم في عدولهم عن نبيه وكفرهم به، وأنه لا يستضر بترك إِيمانهم، لأن عيبه راجع عليهم { آمنوا } بهذا القرآن الذي لو اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثله، وتعاونوا عليه لما قدروا عليه { أو لا تؤمنوا } وتجحدوه، فإِن إِيمانكم لن يزيد في خزائن الله شيئاً، ولا ترككم الايمان به ينقص ذلك، وإِن تكفروا به، فإِن الذين اوتوا العلم بالله وآياته من قبل نزوله من مؤمني أهل الكتاب، وهم الذين أسلموا { إِذا يتلى عليهم } من القرآن { يخرون } تعظيماً له وتكريماً، لعلمهم بأنه من عند الله، لاذقانهم سجداً بالأرض واختلفوا في المعني بقوله { يخرون للأذقان } فقال بعضهم: أراد به الوجوه روى ذلك عن ابن عباس وقتادة. وقال قوم يعني بذلك اللحى، حكي ذلك عن الحسن. وقوله { ويقولون سبحان ربنا إِن كان وعد ربنا لمفعولاً } حكاية من الله عن هؤلاء الذين أوتوا العلم من قبل نزول هذا القرآن خروا للاذقان سجوداً عند استماعهم القرآن يتلى عليهم تنزيها لله تعالى وتبرئة له مما يضيف اليه المشركون، ويقولون لم يكن وعد ربنا من ثواب وعقاب إِلا مفعولا حقَّاً يقيناً إِيماناً بالقرآن وتصديقاً له. والأذقان جمع ذقن، وهو مجمع اللحيين. وقال مجاهد وابن زيد: { الذين أوتوا العلم من قبله } إِلى قوله { خشوعاً } ناس من أهل الكتاب حيث سمعوا ما أنزل الله على محمد { قالوا سبحان ربنا إِن كان وعد ربنا لمفعولاً } وقال ابن جريج: إِذا يتلى عليهم كتابهم. وقال قوم { الذين أوتوا العلم } يعني به محمداً صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. ويراد بقوله { إِذا يتلى عليهم } يعني القرآن، لانه من سياق ذكر القرآن، ولم يكن يجري لغيره من الكتب ذكر، وهو الاقوى، لأن الآية فيها مدح لمن وصف بما فيها، وذلك لا يليق بالكفار إِلا أن يراد بذلك من آمن منهم وكان عالماً قبل ذلك بصحة القرآن اذ علموا بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة والإنجيل ويحتمل ذلك اذاً على ما بيناه.
وقوله { ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً } يقول الله يخرّ هؤلاء الذين أوتوا العلم من مؤمني أهل الكتابين من قبل نزول الفرقان اذا يتلى عليهم القرآن { للأذقان يبكون ويزيدهم } ما في القرآن من المواعظ والعبر { خشوعاً يعني خضوعاً لأمر الله وطاعته واستكانة له.