التفاسير

< >
عرض

وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً
٥٥
قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً
٥٦
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً
٥٧
-الإسراء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

يقول الله تعالى لنبيه { إِن ربّك } يا محمد { أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض } وانما قال ذلك ليدل على أن تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض وقع موقع الحكمة، لأنه من عالم بباطن الأمور، واذا ذكر ما هو معلوم فانما يذكره ليدل به على غيره والانبياء وان كانوا في أعلى مراتب الفضل، لهم طبقات بعضهم أعلى من بعض، وإِن كانت المرتبة الوسطى لا تلحق العليا ولا يلحق مرتبة النبي من ليس بنبيّ أبداً. وقوله { وآتينا داود زبوراً } اي خصصناه بالذكر، وفيه لغتان فتح الزاي، وضمها. والفتح أفصح. ثم قال لنبيه { قل } لهم { ادعوا الذين زعمتم من دونه } يعني الذين زعمتم انهم أرباب وآلهة من دون الله ادعوهم اذا نزل بكم ضرر، فانظروا هل يقدرون على دفع ذلك ام لا. وقال ابن عباس والحسن { الذين من دونه } الملائكة والمسيح وعزير. وقال ابن مسعود: أراد به ما كانوا يعبدون من الجن: وقد أسلم اولئك النفر من الجن لان جماعة من العرب كانوا يعبدون الجن، فأسلم الجن وبقي الكفار على عبادتهم. وقال أبو علي: رجع الى ذكر الانبياء في الآية الاولى. والتقدير إِن الأنبياء يدعون الى الله يطلبون بذلك الزلفة لديه ويتوسلون به اليه والى رضوانه وثوابه، أيُّهم كان أفضل عند الله، واشد تقرباً اليه بالأعمال. ثم قال { فلا يملكون } يعني الذين تدعون من دون الله { كشف الضر } والبلاء { عنكم } ولا تحويله الى سواكم.
ثم قال { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب... } الاية قوله { أولئك } رفع بالابتداء و { الذين } صفة لهم و { يبتغون إلى ربهم } خبر الابتداء. والمعنى الجماعة الذين يدعون يبتغون الى ربهم { أيهم } رفع بالإبتداء و { أقرب } خبره. والمعنى يطلبون الوسيلة ينظرون ايهم اقرب فيتوسلون به، ذكره الزجاج. وقال قوم: الوسيلة هي القرية والزلفة. وقال الزجاج: الوسيلة والسؤال والسؤل والطلبة واحد، والمعنى إِن هؤلاء المشركين يدعون هؤلاء الذين اعتقدوا فيهم انهم ارباب ويبتغي المدعوون أرباباً الى ربِّهم القربة والزلفة لأنهم اهل إِيمان به. والمشركون بالله يعبدونهم من دون الله، ايهم اقرب عند الله بصالح اعماله واجتهاده في عبادته، فهم يرجون بأفعالهم رحمته ويخافون عذابه بخلافهم إِياه { إِن عذاب ربك كان محذوراً } اي متقى.