التفاسير

< >
عرض

وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً
٧٣
وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً
٧٤
إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً
٧٥
-الإسراء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قال الزجاج: معنى الكلام كادوا يفتنونك، ودخلت (ان واللام) للتوكيد ومعنى (كاد) المقاربة. وقوله { وإِن كادوا } قال الحسن: معناه قارب بأن همَّ من غير عزم. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم "ان الله وضع عن أمّتي ما حدثت به نفسها إِلا من عمل شيئاً او تكلم به" وقيل انهم قالوا: لا ندعك تستلم الحجر حتى تلم بآلهتنا. وقال مجاهد، وقتادة: الفتنة التي كاد المشركون ان يفتنوا النبي صلى الله عليه وسلم بها الإلمام بآلهتهم ان يمسها في طوافه، لما سألوه في ذلك، ولاطفوه.
وقال ابن عباس: همَّ بإِنظار ثقيف بالإسلام حتى يقبضوا ما يهدى لآلهتهم ثم يسلموا فيها.
امتن الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه لولا انه ثبته بلطفه، وكثرة زواجره وتواتر نهيه، لقد كاد يركن اي يسكن، ويميل إِلى المشركين قليلاً، على ما يريدون يقال: ركُن يركن، وركَن يركن، ثم قال { إِذاً لأذقناك ضعف الحياة، وضعف الممات } اي لو فعلت ذلك، لاذقناك ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب المماة لعظم ذلك منه لو فعله، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك. وإِنما كان يعظم عذابه بالركون اليهم لكثرة زواجره وفساد العباد به.
وقيل لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم
"اللهم لا تكلني إِلى نفسي طرفة عين" روى ذلك قتادة. ومعنى الفتنة - ها هنا - الضلال، والتقدير وإِن كادوا ليفتنونك ليضلوك عن الذي اوحينا اليك، في قول الحسن وأَصل الفتنة المحنة التي يطلب بها خلاص الشيء مما لابسه، فطلبوا إِخراجه إِلى الضلالة.
وقوله { لتفتري علينا غيره } اي لتكذب علينا غير ما اوحينا اليك وإِن فعلت ذلك لاتخذوك خليلاً وديداً.
وقوله { ثم لا تجد لك علينا نصيراً } اي لو فعلت الركون اليهم لأذقناك ما قلناه من العذاب، ثم لا تجد لك علينا ناصراً يدفع عنك ما نريد فعله بك.