التفاسير

< >
عرض

وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً
٤٢
وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً
٤٣
هُنَالِكَ ٱلْوَلاَيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً
٤٤
-الكهف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابن كثير، وابن عامر، ونافع وعاصم { الولاية } بفتح الواو { لله الحق } بكسر القاف، وقرأ حمزة بكسرهما. وقرأ أبو عمرو: بفتح الواو، وضم القاف. وقرأ الكسائي بكسر الواو وضم القاف. وقرأ اهل الكوفة إلا عاصماً { ولم يكن } بالياء الباقون بالتاء.
من قرأ بالتاء فلتأنيث الفئة، والفئة الجماعة، وقد يسمى الرجل الواحد فئة، كما ان الطائفة تكون جماعة وواحداً. قال ابن عباس في قوله { وليشهد عذابهما طائفة } فالطائفة قد تكون الرجل الواحد.
ومن قرأ بالياء فلقوله { ينصرونه } ولأن التأنيث غير حقيقي. واما { الولاية } بفتح الواو، وكسرها فلغتان مثل الوكالة والوكالة والدلالة والدلالة. وقال قوم: هما مصدران فالمكسور مصدر الوالي من الامارة والسلطان. والمفتوح مصدر الوليّ ضد العدو، تقول: هذا ولي بين الولاية.
واما قوله { الحق } فمن خفض قال الحق هو الله فخفضه نعتاً لله، واحتج بقراءة ابن مسعود { هنالك الولاية لله وهو الحق } وفى قراءة ابي { هنالك الولاية الحق لله }
ومن رفع جعله نعتاً للولاية، وأجاز الكوفيون والبصريون النصب بمعنى أحق ذلك حقاً، والحق اليقين بعد الشك.
قوله { وأحيط بثمره } معناه هلكت ثمرهم عن آخرها، ولم يسلم منها شيء كما يقال أحاط بهم العدو إذا هلكوا عن آخرهم والاحاطة ادارة الحائط على الشيء. ومنه قوله
{ { ولا يحيطون بشيء من علمه } أي لا يعلمون معلوماته، والحد محيط بجميع المحدود.
وقوله { فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها } أي يتحسر على ما انفق فى عمارتها { وهي خاوية على عروشها } معناه حيطانها قائمة لا سقوف عليها، لانها انهارت فصارت في قرارها، وخوت فصارت خاوية من الاساس. ومثله قولهم وقعت: الدار على سقوفها أي أعلاها على أسفلها. وقيل خاوية على بيوتها، والعروش الابنية أي قد ذهب شجرها وبقيت جدرانها، لا خير فيها. وقيل العروش السقوف، فصارت الحيطان على السقوف.
وقوله { ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحداً } اخبار منه تعالى عما يقول صاحب الجنة الهالكة، وانه يندم على ما كان منه من الشرك بالله. ثم قال تعالى { ولم يكن له فئة } اي جماعة { ينصرونه من دون الله } قال العجاج:

كما يجوز الفئة الكمي

وقوله تعالى { وما كان منتصراً } قال قتادة: معنا ما كان ممتنعاً. وقيل معناه ما كان منتصراً بان يسترد بدل ما كان ذهب منه.
وقوله { هنالك الولاية لله الحق } اخبار منه تعالى ان فى ذلك الموضع الولاية بالنصرة والاعزاز لله (عز وجل) لا يملكها احد من العباد يعمل بالفساد فيها، كما قد مكن فى الدنيا على طريق الاختيار، فيصح الجزاء فى غيرها.
وقوله { هو خير ثواباً وخير عقباً } انما قال هو خير ثواباً مع أنه لا يثيب أحد إلا الله لامرين:
احدهما - انه على ردّ ادعاء الجهال انه قد يثيب غير الله، فتقديره لو كان غيره يثيب، لكان هو خير ثواباً.
والثاني انه خير جزاء على العمل. وعاقبة ما يدعو اليه خير من عاقبة ما لا يدعو اليه. والولاية بفتح الواو ضد العداوة، وبكسرها الامارة والسلطان. وقرأ عاصم وحمزة { عقباً } بسكون القاف. الباقون بضمتين وهما لغتان بمعنى العاقبة، وهو نصب على التمييز { وهنالك } اشارة الى يوم القيامة. والمعنى ان يوم القيامة تتبين نصرة الله، لأوليائه. و { عقباً } أي عاقبة يقال عقبى الدار، وعقب الدار، وعقب الدار، وعاقبة الدار بمعنى واحد.