التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ
١٣٩
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى:
أمر الله تعالى نبيه في هذه الآية أن يقول لهؤلاء الكفار { أتحاجوننا في الله } ومعناه: تخاصموننا وتجادلوننا فيه وهو تعالى الذي خلقنا وانعم علينا، وخلقكم وانعم عليكم. وكانت محاجتهم له (صلى الله عليه وسلم) انهم زعموا انهم أولى بالحق، لانهم راسخون في العلم، وفي الدين، لتقدم النبوة فيهم، والكتاب، فهم أولى بأن يكون الرسول منهم. وقال قوم: بل قالوا: نحن أحق بالايمان، لانا لسنا من العرب الذين عبدوا الاوثان، فبين الله تعالى وجه الحجة عليهم انه ربنا وربهم، فهو أعلم بتدبيرنا وتدبيرهم، ومصلحتنا ومصلحتهم، وانه لا حجة علينا في اجرام غيرنا ومعاصيهم. وقال الحسن: كانت محاجتهم أن قالوا: نحن اولى بالله منكم، وقالوا:
{ { نحن أبناء الله وأحباؤه } وقالوا: { لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى } وقالوا { كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا } وغرضهم بذلك الاحتجاج بان الدين ينبغي ان يلتمس من جهتهم، وأن النبوة اولى أن تكون فيهم وليس الامر على ما ظنوا، لان { الله أعلم حيث يجعل رسالته } ومن الذي يقوم باعبائها، ويتحملها على وجه يكون اصلح للخلق واولى بتدبيرهم.
وقوله: { لنا أعمالنا } معناه الانكار لاحتجاجهم باعمالهم، لانهم مشركون، ونحن له مخلصون. وقيل معناه الانكار للاحتجاج بعبادة العرب للاوثان، فقيل: لا حجة في ذلك إذ لكل احد عمله، لا يؤخذ بجرم غيره.
اللغة:
والاعمال والافعال والاحداث نظائر. والاخلاص والافراد والاختصاص نظائر وضد الخالص المشوب.
وقوله: { ونحن له مخلصون } فيه احتجاج بأن المخلص لله اولى بالحق من المشرك به. وقيل معناه: الرد عليهم بما احتجوا به من عبادة العرب للاوثان، بانه لا عيب علينا في ذلك اذا كنا مخلصين، كما لا عيب عليكم بفعل من عبد العجل من الاسلاف اذا اعتقدتم الانكار عليهم، بانهم على الاشراك بالله بالتشبيه له، والكفر بآياته. وقال ابن عباس: معنى "أتحاجوننا" أتجادلوننا. وقال مجاهد: معناه أتخاصموننا. وبه قال ابن زيد.
ومعنى { في الله } في دين الله، والالف صورتها الاستفهام. ومعناه الانكار ويجوز في "أتحاجوننا" ثلاثة اوجه من العربية: الاظهار، والادغام، والحذف. فالادغام تشديد النون، والحذف تخفيف النون الواحدة.