التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ
١٤
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة
قرىء في الشواذ واذا لاقوا الذين. قرأها اليماني. وفى القراء من همز { مستهزئون }، ومنهم من ترك الهمزة.
المعنى:
حكي عن ابن عباس أنه قال: هذه في صفة المنافقين فكان الواحد منهم اذا لقي اصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال إنا معكم ـ أي على دينكم ـ وإذا خلوا إلى شياطينهم ـ يعني اصحابهم ـ قالوا انما نحن مستهزئون ـ يعني نسخر منهم يقال خلوت اليه، وخلوت معه. ويقال خلوت به على ضربين: احدهما ـ بمعنى خلوت معه، والآخر ـ بمعنى سخرت منه. وخلوت اليه في قضاء الحاجة لا غير. وخلوت به له معنيان: احدهما ـ هذا، والآخر ـ سخرت منه. قال الأخفش: رقد تكون "إلى" في موضع الباء، "وعلى" في موضع عن، وانشد:

اذا رضيت عليّ بنو قشير لَعمر الله أعجبني رضاها

فعلى هذا يحتمل أن تكون الآية: { خلوا مع.. } وقال الرماني: الفرق بين اللقاء والاجتماع، أن اللقاء لا يكون إلا على وجه المجاورة، والاجتماع قد يكون كاجتماع العزمين في محل. وقد بينا معنى الشيطان فيما مضى معكم
و { معكم } ـ بفتح العين وسكونها ـ لغتان.
وترك الهمزة في { مستهزئون } لغة قريش، وعامة غطفان. وكنانه بعضها يجعلها بمنزلة (يستقصون، ويستعدون) بحذفها. وبعض بني تميم وقيس يشيرون إلى الزاء بالرفع، بين الرفع والكسر، وهذيل، وكثير من تميم يخففون الهمزة
وقال بعض الكوفيين: إن معنى { إذا خلوا }: إذا انصرفوا خالين، فلأجل ذلك قال: إلى شياطينهم. على المعنى، وهو مليح، وقيل: إن شياطينهم: رؤساؤهم وقيل: أريد بهم أصحابهم من الكفار. وروي عن أبي جعفر عليه السلام: أنهم كهانهم.
والاستهزاء: طلب الهزء بايهام أمر ليس له حقيقة في من يظن فيه الغفلة. والهزء: ضد الجد يقال هزىء به هزء والتهزي: طلب الهزء: بالشيء، وغرضهم كان بالاستهزاء مع علمهم بقبحه حقن دمائهم باظهار الايمان واذا خلوا الى شياطينهم كشفوا ما في نفوسهم.