التفاسير

< >
عرض

وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٤٨
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة:
قرأ ابن عامر وابو بكر عن عاصم (مولاها). وروي ذلك عن ابن عباس ومحمد بن علي، فجعلا الفعل واقعاً عليه. والمعنى واحد، كذا قال الفراء.
المعنى:
وفي قوله: { ولكل وجهة هو موليها } أقوال:
أحدهما - قال مجاهد، والربيع، وابن زيد، وابن عباس، والسدي: أن لكل أهل ملة من اليهود والنصارى.
الثاني - قال الحسن: إن لكل نبي وجهة واحدة: وهي الاسلام وان اختلف الاحكام كما قال: { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً } اي في شرائع الانبياء.
الثالث - قال قتادة: هو صلاتهم الى بيت المقدس، وصلاتهم الى الكعبة.
الرابع - ان لكل قوم من المسلمين وجهة، من كان منهم وراء الكعبة وقدامها أو عن يمينها أو عن شمالها، وهو الذي اختاره الجبائي. والوجهة قيل فيه قولان:
احدهما - انه قبلة. ذهب اليه مجاهد، وابن زيد. الثاني قال الحسن: هو ما شرعه الله لهم من اسلام.
وفي (جهة) ثلاث لغات: وجهة، وجهة، ووجه. وإنما أتم لانه اسم لم يجيء على الفعل. ومن قال: جهة. قال المبرد: جاء به على قولهم وجهني، ووجهته. ومعنى { موليها } مستقبلها - في قول مجاهد وغيره. كأنه قال: مول إليها، لان ولى اليه نقيض ولى عنه. كقولك: انصرف اليه: وانصرف عنه. وقوله { هو } عائد - على قول اكثر المفسرين - إلى كل. وقال قوم يعود على اسم الله حكاهما الزجاج. و { الخيرات } هي الطاعات لله - على قول ابن زيد وغيره - وقوله: { يأت بكم الله جميعاً } يعني يوم القيامة - من حيث ما متم من بلاد الله - وهو قول السدي، والربيع وقد روي { ولكل وجهة } مضاف غير منون - وذلك لا يجوز، لانه يكون الكلام ناقصاً، لا معنى له ولا فائدة فيه. وقوله: { استبقوا } يحتمل معنيين:
احدهما - بادروا إلى ما أمرتم به مبادرة من يطلب السبق اليه.
الثاني - قال الربيع: سارعوا الى الخيرات. وهو الاولى، لانه أعم.
اللغة:
والاستباق، والابتدار، والاسراع نظائر. قال صاحب العين: السبق: القدمة في الجري وفي كل أمر. تقول: له في هذا الامر سبقة، وسابقة وسبق: أي سبق الناس اليه. والسبق الخطر الذي يوضع بين اهل السباق، وجمعه اسباق. والسباقان في رجل الطائر الجارح قيداه من خيط أو سير. واصل الباب السبق: التقدم في الامر.