التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
١٥٦
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى:
في قوله: { إنا لله } إقرار لله بالعبودية { وإنا إليه راجعون } فيه إقرار بالبعث والنشور، وان مآل الامر يصير إليه، وإنما كانت هذه اللفظة تعزية عن المصيبة، لما فيها من الدلالة على أن الله يجزها ان كانت عدلا، وينصف من فاعلها إن كانت ظلماً. وتقديره { إنا لله } تسليماً لامره ورضاً بتدبيره. { وإنا إليه راجعون } ثقة بأنا إلى العدل نصير.
اللغة:
والمصيبة هي المشقة الداخلة على النفس، لما يلحقها من مضرة، وهي من الاصابة، لأنها يصيبها بالبلية. ومعنى الرجوع إلى الله: الرجوع إلى انفراده بالحكم كما كان أول مرة لانه قد ملّك قوماً في الدنيا شيئاً من الضر، والنفع لم يكونوا يملكونه، ثم يرجع الأمر الى ما كان إذا زال تمليك العباد.
وأصل الرجوع هو مصير الشيء إلى ما كان، ولذلك يقال: رجعت الدار الى فلان إذا اشتراها مرة ثانية. والرجوع والعود، والمصير نظائر.
وفي الآية معنى الامر لانها مدح عام، لكل من كان على تلك الصفة بتلك الخصلة. وأجاز الكسائي والفراء في { إنا لله } الامالة، ولا يجوز ذلك في غير اسم الله، مثل قولك: إنا لزيد، لا يجوز إمالته، وإنما جاز الامالة مع اسم الله لكثرة الاستعمال حتى صارت بمنزلة الكلمة الواحدة، وإنما يجز الامالة في غير ذلك، لان الحروف كلها وما جرى مجراها لا يجوز فيها الامالة مثل (حتى) و (لكن) و (مما) وما اشبه ذلك، لأن الحروف بمنزلة بعض الكلمة من حيث امتنع فيها التصريف الذي يكون في الأسماء والأفعال.