التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوۤاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ ٱلْمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ وَٱللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
٢٤٧
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى:
قال السدي، ووهب بن منبه: إنما أنكروا أن يكون طالوت ملكاً، لأنه لم يكن من سبط النبوة، ولا سبط المملكة بل كان من أجمل سبط في بني اسرائيل.
وقوله: { إن الله اصطفاه } معناه اختاره في قول ابن عباس، وابن زيد، وأصله الصفوة من الادناس.
وقوله: { وزاده بسطة في العلم والجسم } قيل في معناه قولان:
قال الحسن: زيادة في العلم وعُظماً في الجسم. وقال الجبائي: كان اذا قام الرجل، فبسط يده رافعاً لها نال رأسه.
اللغة:
يقال: جسم يجسم جسامة يعنى ضخم صخامة. ورجل جسيم: عظيم الخلق. وجسمه تجسيما، وتجسم تجسما. وهو أجسم منه أي أضخم. وأصل الباب الضخم. والجسم: هو الذاهب في الجهات الثلاثة: الطول والعرض والعمق.
الاعراب والمعنى:
وإنما لم يصرف (طالوت)، وصرف (جاموس) إذا سميت به، وإن كانا أعجميين - في قول الزجاج - لأنه لما كان يدخله الألف واللام نكر؛ نحو قولهم: الجاموس. وكلما أعرب في حال تنكيره فانه لا يعتد بالعجمة فيه، لأنه بمنزلة ما أصله عربي فأما ما أعرب في حال تعريفه، فليس كذلك، لأنه لم يستعمل إلا على احدى الحالين دون الأخرى، فنقل لذلك.
وقوله: { والله واسع عليم } قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - واسع الفضل، فحذف، كما حذف في قولهم: فلان كبير أي كبير القدر. الثاني - واسع بمعنى: موسع أي يوسع على من يشاء من نعمه، كما جاء (أليم) بمعنى: مؤلم. والثالث - واسع بمعنى ذو سعة نحو "عيشة راضية" أي ذات رضى، وهم ناصب أي ذو نصب. وتامر، ولابن، أي ذو تمر وذو لبن. ويجيء باب في فاعل بمعنى ذو كذا. وقوله: { عليم } أي عليم بمن ينبغي أن يؤتيه الفضل إما للاستصلاح، وإما للامتحان. قال البلخي: وفي الآية دلالة على فساد قول من قال بأن الامامة وراثة، لان الله تعالى رد عليهم ما أنكروه من التعليل عليهم من ليس من أهل النبوة، ولا المملكة، وبين أنه يجب بالعلم والفوة لا بالوراثة. وقال أصحابنا فيها دلالة على أن من شرط الامام أن يكون أعلم رعيته وأفضلهم في خصال الفضل، لأن الله تعالى على تقديمه عليهم بكونه أعلم وأقوى فلولا أنه شرط وإلا لم يكن له معنى.