التفاسير

< >
عرض

ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ
٢٨٥
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة:
قرأ حمزة والكسائي وخلف "وكتابه": الباقون "وكتبه" على الجمع فمن وحّد احتمل وجهين:
أحدهما - أن يكون أراد به القرآن لا غير. والثاني - أن يكون أراد جنس الكتاب، فيوافق قراءة من قرأ على الجمع في المعنى. وقرأ يعقوب { لا يفرق } بالياء رداً على الرسول حسب. الباقون بالنون رداً على الرسول والمؤمنين وهذا أليق بسياق الآية.
المعنى والاعراب:
وقوله: { لا نفرق بين أحد من رسله } معناه يقولون ذلك على الحكاية كما قال
{ والملائكة باسطوا أيديهم اخرجوا } أي يقولون اخرجوا. والمعنى إنا لا نؤمن ببعضهم ونكفر ببعض، كما فعل اليهود، والنصارى. وقوله: { سمعنا وأطعنا } تقديره سمعنا قوله وأطعنا أمره وقبلنا ما سمعنا، لأن من لا يقبل ما يسمع يقال له أصم كما قال تعالى { صم بكم عمي فهم لا يعقلون } وإنما حذف لدلالة الكلام عليه لأنهم مدحوا به، وكان اعترافاً منهم بما يلزمهم مثل ما قبله. وقوله: { غفرانك } نصب على أنه نزل من الفعل المأخوذ منه كأنه قيل: اللهم اغفر لنا غفرانك فاستغنى بالمصدر عن الفعل في الدعاء فصار بدلا منه معاقباً له. وقال بعضهم معناه نسألك غفرانك والاول أقوى، لأنه على الفعل الذي أخذ منه أولى من حيث كان يدل عليه بالتضمين نحو (حمداً وشكراً) أي أحمد حمداً، وأشكر شكراً. وأجاز الزجاج والفراء غفرانك بالرفع بمعنى غفرانك بغيتنا وأنشد الزجاج:

ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى مصارع مظلوم مجراً ومسحبا
وتدفن منه الصالحات وإن يسىء يكن ما أساء النار في رأس كبكبا

وقوله: { وإليك المصير } معناه وإلى جزائك المصير فجعل مصيرهم إلى جزائه مصيراً إليه كقول ابراهيم: { إني ذاهب إلى ربي سيهدين } ومعناه إلى ثواب ربي أو إلى ما أمرني به ربي.